تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وقوله: ﴿كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ﴾، يعني: كتابًا عاديًا يدركه الناس.
قوله: ﴿فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾، يعني: لم يتخيلوه من بُعْدٍ بل هو بين أيديهم يلمسونه نازلًا من السماء إلى الرسول ﷺ.
فإذا قال قائل: وهل هناك لمس بغير اليد حتى يقول الله ﷿ ﴿فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾؟
فالجواب إن شئت فقل: نعم؛ لأن الإنسان يمس بقدمه، ويمس بلسانه، ويمس بكل أجزاء جلده؛ وإن شئت فقل إن اللمس يكون باليد لكن ذكرت اليدُ هنا من باب التوكيد؛ كقوله ﵎: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ [الأنعام: ٣٨]، ومعلوم أن الطائر لا يطير إلا بجناح.
قوله: ﴿لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ هذا جواب الشرط، وفي قوله: ﴿لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ إظهار في موضع الإضمار لم يقل لقالوا: إشارة إلى فائدتين فائدة متعدية وفائدة لازمة، الفائدة اللازمة هي الحكم عليهم بالكفر، والمتعدية هي أن من قال قولهم فهو كافر.
وقوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ ﴿إِنْ﴾ هنا نافية؛ بدليل قوله: ﴿إلَّا﴾ فـ (إِنْ) إذا أتت بعدها (إلا) فهي للنفي، وقد تكون للنفي وإن لم تَأتِ بعدها إلا.
و(إنْ) تأتي نافية كما في هذه الآية، وتأتي شرطية مثل قوله تعالى ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ﴾ [الزمر: ٧] وتأتي مخففة من الثقيلة؛ كقوله: ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ [طه: ٦٣] أصلها إنَّ هذين لساحران، وتأتي زائدة كما في قول الشاعر:
1 / 44