تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
[الأعراف: ١٨٧] هذا علمه عند الله، لا أحد يعلمه، ولا أحد يعلم عن انقضائه، أما الأجل الأول فنحن نعرف انقضاءه إذا وجدنا الرجل أنشأه الله ثم أماته، فقد قضى الله أجله، لكن الأجل المسمى المعلوم عند الله ﷿، فهذا يختص الله بعلمه.
قوله: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾، أي: بعد أن عرفتم أنكم خلقتم من طين وأن الآجال تنقضي بعلم منكم، وأجل آخر غير معلوم، بعد هذا ﴿تَمْتَرُونَ﴾، والامتراء: هو الشك، أي: تشكون في البعث، فانظر كيف ذكر الله ﷿ في الآية الأولى شرك هؤلاء الكفار بربهم، ثم ذكر نوعًا آخر وهو الكفر باليوم الآخر؛ لأن الشك بما يجب فيه اليقين كفر.
من فوائد الآيات الكريمة:
الفائدة الأولى: أن بني آدم حادثون بعد أن لم يكونوا؛ لقوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾. وقد قال الله ﵎: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (١)﴾ [الإنسان: ١]. (هل): بمعنى: (قد)، فمَنْ عُمْرُه عشرون سنة هو قبل إحدى وعشرين سنة لم يكن شيئًا مذكورًا، فأوجده الله، ففيه دليل على حدوث بني آدم وأنهم مخلوقون من العدم.
الفائدة الثانية: الإشارة إلى أصل بني آدم وأنهم من الطين، والطين من الأرض، وقد قال الله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (٥٥)﴾ [طه: ٥٥].
فإن قال قائل: ما الجمع بين قوله تعالى في هذه الآية: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾ قوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦)﴾ [الطارق: ٥، ٦]؟
1 / 23