تفسير العثيمين: الأنعام

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
18

تفسير العثيمين: الأنعام

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

والكافر لقوله: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾، فجعل ﷾ نفسه ربًا لهؤلاء ولا إشكال في ذلك، فهذه هي الربوبية العامة، وهناك ربوبية خاصة بالمؤمنين تقتضي الكلاءة والعناية والحفظ والتربية، وقد اجتمع النوعان في قول سحرة فرعون: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)﴾ [الأعراف: ١٢١، ١٢٢]، فالأولي عامة، والثانية خاصة. * * * * قال الله ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢)﴾ [الأنعام: ٢]. لما ذكر خلق السماوات والأرض ثنّى بخلقنا نحن فقال: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾، والطين هو: التراب المبلول بالماء، أو المخلوط بالماء، وهو معروف؛ وذلك بخلق أصلنا وهو آدم، أما الإنسان فقد خُلِق من ماء مهين، من النطفة، لكن اَدم خُلِق من طين. قوله: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾، أي: قدّر أجلًا انقضى وانتهى. قوله: ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، أي: معلوم عند الله، وهنا الأفضل أن نقف على قوله ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ ولا نصل؛ لأن الوصل قد يُشْعِرُ بالتناقض، وَجْهُه: أن الأول منصوب (أجلًا)، والثاني مرفوع (وأجلٌ)، والحكم أيضًا مختلف، كما يتبين إن شاء الله في الفوائد. وقوله: ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، أي: عند الله وهو قيام الساعة، فإن هذا مما يختص الله به ﷿ قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٦٣] وقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي﴾

1 / 22