تفسير العثيمين: الأنعام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
والكافر لقوله: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾، فجعل ﷾ نفسه ربًا لهؤلاء ولا إشكال في ذلك، فهذه هي الربوبية العامة، وهناك ربوبية خاصة بالمؤمنين تقتضي الكلاءة والعناية والحفظ والتربية، وقد اجتمع النوعان في قول سحرة فرعون: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)﴾ [الأعراف: ١٢١، ١٢٢]، فالأولي عامة، والثانية خاصة.
* * *
* قال الله ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢)﴾ [الأنعام: ٢].
لما ذكر خلق السماوات والأرض ثنّى بخلقنا نحن فقال: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾، والطين هو: التراب المبلول بالماء، أو المخلوط بالماء، وهو معروف؛ وذلك بخلق أصلنا وهو آدم، أما الإنسان فقد خُلِق من ماء مهين، من النطفة، لكن اَدم خُلِق من طين.
قوله: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾، أي: قدّر أجلًا انقضى وانتهى.
قوله: ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، أي: معلوم عند الله، وهنا الأفضل أن نقف على قوله ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ ولا نصل؛ لأن الوصل قد يُشْعِرُ بالتناقض، وَجْهُه: أن الأول منصوب (أجلًا)، والثاني مرفوع (وأجلٌ)، والحكم أيضًا مختلف، كما يتبين إن شاء الله في الفوائد.
وقوله: ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، أي: عند الله وهو قيام الساعة، فإن هذا مما يختص الله به ﷿ قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٦٣] وقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي﴾
1 / 22