تفسير الحداد المطبوع خطأ باسم التفسير الكبير للطبراني
محقق
هشام بن عبد الكريم البدراني الموصلي
الناشر
دار الكتاب الثقافي الأردن
الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠٠٨ م
مكان النشر
إربد
تصانيف
دموعهم ولم يأكلوا ولم يشربوا، ثم أهلكهم الله تعالى. فجاءت ريح فهبّت بهم وألقتهم في الماء، وما مسخ الله تعالى أمّة إلا أهلكها.
قوله ﷿: ﴿فَجَعَلْناها نَكالًا؛﴾ أي القردة؛ وقيل: المسخة؛ وقيل:
العقوبة؛ وقيل: القرية. وقوله تعالى: ﴿(نَكالًا)﴾ أي عقوبة وعبرة وفضيحة، ﴿لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها؛﴾ أي عقوبة لما مضى من ذنوبهم وعبرة لمن بعدهم. وقال قتادة: (معناه جعلنا تلك العقوبة جزاء لما تقدّم من ذنوبهم قبل نهيهم عن الصّيد؛ وما خلفها من العصيان بأخذ الحيتان بعد النّهي).وقيل: لما بين يديها من عقوبة الآخرة؛ وما بعدها من فضيحة في دنياهم، فتذكرون بها إلى يوم القيامة. وقوله تعالى:
﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ (٦٦)؛أي عظة وعبرة للمؤمنين من أمّة محمّد ﷺ الذين يتّقون الشّرك والكبائر والفواحش، فلا يفعلون مثل فعلهم.
قوله ﷿: ﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً؛﴾ هذه الآية نزلت بعد قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادّارَأْتُمْ فِيها﴾ (^١) وإن كانت مقدّمة في التلاوة؛ لأن قتل النفس كان قبل ذبح البقرة.
والقصّة فيه ما روي: أنّ بني إسرائيل قيل لهم في التّوراة: أيّما قتيل وجد بين قريتين فليقس إلى أيّهما أقرب؛ ثمّ ليؤخذ لأهل تلك القرية وليحلف خمسون شيخا من شيوخهم بالله ما قتلوه ولا علموا له قاتلا. فقتل رجلان من بني إسرائيل ابن عمّ لهما اسمه عاميل ليرثاه؛ وكانت لهما ابنة عمّ حسنة، فخافا أن ينكحها؛ فقتلاه لذلك وحملاه إلى جانب قرية فأخذ أهل تلك القرية به فجاءوا إلى موسى ﵇، وقالوا:
أدع الله تعالى أن يطلعنا على قاتله، فأوحى الله إليه: امرهم أن يذبحوا بقرة، فأمرهم بذلك ليضرب المقتول ببعض تلك البقرة فيحيى فيخبرهم بمن قتله. ف: ﴿قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُوًا؛﴾ أي تستهزئ بنا يا موسى حين سألناك عن القتل وتأمرنا بذبح بقرة!! وإنّما قالوا ذلك لتباعد الأمرين في الظاهر؛ ولم يدروا ما الحكمة فيه.
(^١) البقرة ٧٢/.
1 / 183