تفسير الحداد المطبوع خطأ باسم التفسير الكبير للطبراني
محقق
هشام بن عبد الكريم البدراني الموصلي
الناشر
دار الكتاب الثقافي الأردن
الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠٠٨ م
مكان النشر
إربد
تصانيف
قوله ﷿: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ؛﴾ وذلك أنّهم كانوا في زمن داود بأرض يقال لها: أيلية على ساحل البحر بين المدينة والشّام، وكانت مسكن بني إسرائيل. وكان الله قد حرّم عليهم صيد السّمك يوم السبت، وكان إذا دخل يوم السبت لم يبق حوت إلا اجتمع هناك حتى يخرجن خراطيمهن من الماء لأمنها في ذلك اليوم. فإذا مضى يوم السبت تفرّقن ولم يخرجن ولزمن لجّة البحر، فذلك قوله تعالى: ﴿إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ﴾ (^١) فعمد رجال فحفروا حفيرة عشيّة الجمعة حيث يدخل السمك وساقوا إليها الماء من البحر، فأقبل الموج بالحيتان فحبسوا السّمك فيها يوم السبت، وأخذوا منها ليلة الأحد ويوم الأحد، وقالوا: نحن لا نصطاد يوم السبت.
وكان في القرية نحوا من سبعين ألفا؛ فصنف منهم أمسك عن الاصطياد ونهى؛ وصنف أمسك ولم ينه؛ وصنف منهم انتهوا؛ وصنف منهم انتهكوا الحرمة. وكان الذين نهوا اثني عشر ألفا؛ فلما أبى المجرمون قبول نصحهم قال النّاهون: والله لاساكنّاكم في قرية واحدة، فقسّموا القرية بجدار ولعنهم داود ﵇ وغضب الله لإصرارهم على المعصية، فخرج النّاهون ذات يوم من بابهم، والمجرمون لم يفتحوا بابهم ولا خرج منهم أحد؛ فلما أبطئوا تسوّروا عليهم الحائط فإذا هم جميعا قردة.
فمكثوا ثلاثة أيام ثم هلكوا. ولم يمكث ممسوخ مسخ فوق ثلاثة أيام، ولم يتوالدوا، فذلك قوله تعالى: ﴿فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ (٦٥)؛أي صاغرين مطرودين بلغة كنانة، قاله مجاهد وقتادة والربيع.
وقال أبو روق: يعني (خرسا لا يتكلّمون)،دليله قوله تعالى: ﴿اِخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ (^٢).وقيل: مبعدون من كلّ خير، روي عن ابن مسعود: (أنّهم لم يلدوا بعد ما مسخوا) قال: (ولذلك الممسوخ لا يكون له نسل).وقيل: إنّهم كانوا رجالا ونساء فمسخهم الله تعالى الذكر ذكر والأنثى أنثى؛ وكانوا يتعاوون، وكان تسيل
(^١) الأعراف ١٦٣/.
(^٢) المؤمنون ١٠٨/.
1 / 182