[في أن الذكر أشرف المقامات للسالك]
قال (صلى الله عليه وآله) [حكاية عن الله تعالى]:
" إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملأه "
فإذا ثبت هذا، فأفضل الأذكار ذكر الله الخالي عن ملاحظة الأغيار.
ثم إن العبد فقير كثير الحاجة، والمحتاج إذا نادى مخدومه المنعم بنداء يناسب الطلب والسؤال، كان ذلك محمولا على الطلب مشعرا بالسؤال، فإذا قال: " يا كريم " كان معناه: أكرم وإذا قال " يا رجيم " كان معناه: " إرحم ". وإذا قال " يا غفور، يا عفو " كان معناه: اغفر واعف. فكانت هذه الأذكار جارية مجرى السؤال، فيجول في خاطره غير الله، وتتمثل له صور حاجاته فيكون مشغول السر بغير الله ولم يكن في خلاء، بل في ملأ، إذ الشاغل له عن ذكر الله عند المعاشرة مع الخلق أيضا الصور الحاضرة في نفسه، وهي الحاضرة بالذات، دون الصور الخارجية إلا بالعرض.
فمن حضرت عنده صور الأشياء والتفت إليها، فهو في صحبة الأغيار، سواء كان في بيته الخالي، أو في محتشد من الخلق. وقد بين ان الذكر إنما يعظم شرفه إذا كان خاليا من السؤال، ومن تصور الصور والأمثال، وذلك يتحقق عندما قال " هو ".
ومن نوادر الأذكار الشريفة الممدوحة في كتب أصحاب القلوب: يا هو يا من لا هو إلا هو. يا من لا إله إلا هو. يا أزل يا أبد. يا دهر يا ديهار. يا ديهور. يا من هو الحي الذي لا يموت.
قال النيسابوري في تفسيره: ولقد لقنني بعض المشائخ من الذكر: يا هو، يا من هو، يا من لا هو إلا هو، يا من لا هو بلا هو إلا هو. وقال:
فالأول فناء عما سوى الله.
والثاني فناء في الله.
صفحة غير معروفة