224

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

تصانيف

التفسير

[243]

قوله عز وجل : { ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم } ؛ قال ابن عباس : (وذلك أن ملكا من ملوك بني إسرائيل أمر بالخروج إلى قتال عدوهم ؛ فخرجوا للقتال ثم جبنوا وكرهوا القتال ، فقالوا لملكهم : إن الأرض التي تريدها فيها الوباء فلا تأتها حتى ينقطع عنها الوباء ، فقال لهم الله : موتوا).

واختلفوا في عددهم ؛ فقال مقاتل والكلبي : (كانوا ثمانية آلاف). وقال أبو روق : (عشرة آلاف). وقال أبو مالك : (ثلاثون ألفا). وقال السدي : (بضعة وثلاثون ألفا). وقال ابن جريج : (أربعون ألفا) وقال عطاء بن أبي رباح : (تسعون ألفا). وقال الضحاك : (كانوا عددا كثيرا). فقوله تعالى : { ألوف } دليل على كثرتهم ؛ إذ لو كانوا كما قال مقاتل والكلبي لقال : وهم آلاف ؛ لأن من عشرة آلاف إلى ما دونها يقال فيها : آلاف ، ولا يقال فيها : ألوف ؛ لأن الألوف جمع الكثير. والآلاف جمع القليل.

فمكثوا موتى ثمانية أيام حتى انتفخوا وبلغ بني إسرائيل موت أصحابهم ، فخرجوا إليهم ليدفنوهم ، فعجزوا عنهم من كثرتهم ، فحظروا عليهم الحظائر ، ثم أحياهم الله تعالى بعد ثمانية أيام ، فبقي فيهم من ريح النتن التي كانت فيهم بعد الموت حتى بقي في أولادهم إلى اليوم.

وقال السدي : (وقع الطاعون في بني إسرائيل ، فخرج قوم منهم هاربين من ديارهم حتى انتهوا إلى مكان فماتوا وتفرقت عظامهم وتقطعت أوصالهم ، فأتى عليهم مدة وقد بليت أجسادهم ، فمر بهم نبي يقال له حزقيل ثالث خلفاء بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام ؛ لأنه كان بعد موسى يوشع بن نون ، ثم كالب بن يوفنا ، ثم حزقيل. وكان يقال له : ابن العجوز ، وذلك أن أمه كانت عجوزا فسألت الله تعالى الولد وقد كبرت وعقمت ، فوهبه الله تعالى لها ؛ فلذلك سمي ابن العجوز).

وقال الحسن ومقاتل : (هو ذو الكفل ، وإنما سمي حزقيل ذا الكفل ؛ لأنه تكفل بسبعين نبيا وأنجاهم من القتل ، فقال لهم : اذهبوا فإني إن قتلت كان خيرا من أن تقتلوا جميعا ، فلما جاء اليهود وسألوا حزقيل عن الأنبياء السبعين ، فقال لهم : ذهبوا ولم أدر أين هم. وحفظ الله ذا الكفل من اليهود. فلما مر حزقيل على أولئك الموتى وقف عليهم وجعل يفكر فيهم متعجبا ، فقال : الحمد لله القادر على أن يحيي هذه الأجساد ، فأوحى الله إليه : يا حزقيل ، أتريد أن أريك كيف أحيي الموتى ؟ قال نعم ، فقال : له : نادهم ، فنادى : أيها العظام ، ثم قال : ألا أيتها الأجساد البالية ، إن الله يأمركن أن تكتسين لحما ، فجعل اللحم يجري عليهن حتى صرن أجسادا من اللحوم ، ثم قال : ألا أيتها الأجساد البالية الخاوية ، إن الله يأمركن أن تقمن بإذن الله ، فقاموا.

صفحة ٢٢٤