181

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

تصانيف

التفسير

[197]

قوله عز وجل : { الحج أشهر معلومات } ؛ في هذه الآية تقدير حذف مبتدأ تقديره : مدة الحج أشهر معلومات. ويقال : الحج في أشهر معلومات. وقوله : { غدوها شهر ورواحها شهر }[سبأ : 12] أي مدة غدوها ومدة رواحها.

واختلفوا في هذه الأشهر : فقال ابن عباس وأكثر المفسرين : (إنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة). وأما من قال : إنها شوال وذو القعدة وذو الحجة ، فليس باختلاف لأن المراد بعض ذي الحجة ؛ لأن الحج كله لا محالة في بعض هذه الأشهر لا في جميعها. ويجوز إضافته إلى جميع هذه الأشهر وإن كان هو في بعضها ؛ ألا ترى إنك تقول : لقيت فلانا سنة كذا ، وقمت يوم كذا ؛ بمعنى بعض المدة .

قوله تعالى : { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } ؛ أي من أوجب فيهن الحج بالتلبية أو ما يقوم مقامها من ذكر أو سوق الهدي فلا يرفث ولا يفسق ، وهذا لفظ خبر بمعنى النهي ؛ كما أن قوله : { يتربصن }[البقرة : 228] و{ يرضعن }[البقرة : 233] خبران لفظا ؛ وأمران معنى.

والرفث : قال ابن عباس : (هو مراجعة النساء بذكر الجماع). والفسوق : قال ابن عمر : (هو ما نهى الله عنه في الإحرام). واختار بعضهم هذا القول ؛ وقالوا : لو كان المراد به جميع المعاصي لكان لا يخص بالنهي عنها حالة الإحرام.

وقال ابن عباس وجماعة من المفسرين : (المراد بها جميع المعاصي). وفائدة تخصيص حالته هذه بالنهي فهو تعظيم حرمة هذه العبادة ؛ كما يقال : لا تغتب في صومك ؛ وكما قال صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم صوم أحدكم ؛ فلا يرفث ؛ ولا يجهل ، وإن جهل عليه فليقل : إني صائم ".

قوله تعالى : { ولا جدال في الحج } قال بعضهم : الجدال : أن تجادل صاحبك حتى تغضبه أو يغضبك. وقيل : كانت قريش تقف بالمزدلفة ؛ وكانت اليمن وربيعة تقف بعرفة خارج الحرم ؛ وكان كل فريق منهم يجادل صاحبه في الموقف ؛ فنزلت هذه الآية.

قوله سبحانه وتعالى : { وما تفعلوا من خير يعلمه الله } ؛ أي ما تفعلوا من أسباب الحج وترك الرفث والفسوق والجدال يعلمه الله ؛ أي يقبله منكم فيجزيكم عليه ، والله تعالى عالم من دون أن يفعلوا ، ولكن المراد به يعلمه الله مفعولا ؛ وكان من قبله يعلمه غير مفعول. وأراد الله بهذا الحث على فعل الخير ودل به على العدل ؛ إذ بين أنه لا يجازي العبد على ما يعلمه منه ، وإنما يجازيه على ما يقع منه.

قوله عز وجل : { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } ؛ أي تزودوا في سفر الحج والعمرة ما تكفون به وجوهكم عن المسألة. نزلت في قوم كانوا يخرجون بأهاليهم بغير زاد ويتكلون على الناس ؛ ويسمون أنفسهم المتوكلة ، يقولون : نحج بيت ربنا والله رازقنا.

صفحة ١٨١