تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي

جلال الدين السيوطي ت. 911 هجري
13

تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي

محقق

أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي

الناشر

دار طيبة

الْقَدْرِ تَصِلُ إِلَى دَرَجَةِ الْمُحَدِّثِينَ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا بِجَهْلِهَا بِالْحَدِيثِ، فَلَوْ حَفِظَ مَنْ ذَكَرْنَاهُ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَضَمَّ إِلَيْهِمَا مِنَ الْمُتُونِ مِثْلَيْهِمَا لَمْ يَكُنْ مُحَدِّثًا، وَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مُحَدِّثًا حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ، فَإِنْ رَامَتْ بُلُوغَ الْغَايَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى زَعْمِهَا اشْتَغَلَتْ بِجَامِعِ الْأُصُولِ لِابْنِ الْأَثِيرِ، فَإِنْ ضَمَّتْ إِلَيْهِ " عُلُومَ الْحَدِيثِ " لِابْنِ الصَّلَاحِ أَوْ مُخْتَصَرَهُ الْمُسَمَّى " بِالتَّقْرِيبِ وَالتَّيْسِيرِ لِلنَّوَوِيِّ " وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يُنَادَى مَنِ انْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَقَامِ: بِمُحَدِّثِ الْمُحَدِّثِينَ وَبُخَارِيِّ الْعَصْرِ، وَمَا نَاسَبَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الْكَاذِبَةَ، فَإِنَّ مَنْ ذَكَرْنَاهُ لَا يُعَدُّ مُحَدِّثًا بِهَذَا الْقَدْرِ، وَإِنَّمَا الْمُحَدِّثُ مَنْ عَرَفَ الْأَسَانِيدَ وَالْعِلَلَ، وَأَسْمَاءَ الرِّجَالِ وَالْعَالِيَ وَالنَّازِلَ، وَحَفِظَ مَعَ ذَلِكَ جُمْلَةً مُسْتَكْثَرَةً مِنَ الْمُتُونِ، وَسَمِعَ الْكُتُبَ السِّتَّةَ، وَمُسْنَدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَسُنَنَ الْبَيْهَقِيِّ، وَمُعْجَمَ الطَّبَرَانِيِّ، وَضَمَّ إِلَى هَذَا الْقَدْرِ أَلْفَ جُزْءٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْحَدِيثِيَّةِ. هَذَا أَقَلُّ دَرَجَاتِهِ، فَإِذَا سَمِعَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَكَتَبَ الطِّبَاقَ وَدَارَ عَلَى الشُّيُوخِ وَتَكَلَّمَ فِي الْعِلَلِ وَالْوَفَيَاتِ وَالْمَسَانِيدِ كَانَ فِي أَوَّلِ دَرَجَاتِ الْمُحَدِّثِينَ، ثُمَّ يَزِيدُ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مَا يَشَاءُ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ: وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ طَائِفَةٌ طَلَبَتِ الْحَدِيثَ

1 / 35