الاعتقادية والعملية وهو غاية الأول أو كهو وهذا هو علم الحكمة ثم هذه إما أن يكون موضوعها ليس ذا مادة وهذا هو الإلهي أو ذا مادة وهو الطبيعي أو ما من شأنه أن يكون ذا مادة وإن لم يكن وهو الرياضي، والثلاثة علمية أو يكون البحث فيها عن تهذيب النفس من حيث الكمالات وهو تدبير الشخص، أو من حيث حصر الأوقات التي بها بقاء المهج وهو تدبير المنزل مع نحو الزوجة والولد أو من حيث حفظ المدينة الفاضلة التي بها قوام النظام وهو علم السياسية والأخلاق. والأول أعم مطلقا، والثاني أخص منه وأعم من الثالث لاختصاصه بالملوك إن تعلق بالظاهر، والقطب الجامع إن تعلق بالباطن، والأنبياء إن تعلق بهما وكلها عملية، أو مقصود لغيره إما موصلا إلى المعاني والألفاظ فيه عرضية دعت ضرورة الإفادة والاستفادة إليها وهو الميزان، أو بواسطة الألفاظ ذاتا وهى الأدبية، ثم الرياضي إن نظر في موضوع يمكن تلاقى أجزائه على حد مشترك فالهندسة والهيئة وكل إن كان قار الذات فالعدد إن كان منفصل الاجزاء، فان اتصل فالزمان وإلا بأن لم يتصف بالوصفين فالموسيقيرى (والحصر الثالث) أن يقال العلم إن كان موضوعه الألفاظ والخط ومنفعته إظهار ما في الناس الفاضلة وغايته حلية اللسان والبيان. فالأدب وأجناسه عشرة، لأنه إن نظر في اللفظ المفرد من حيث السماع فاللغة أو الحجة فالتصريف، أو في المركب، فإما مطلقا وهو المعاني إلا أن تتبع تراكيب البلغاء وإلا فالبيان، أو مختصا بوزن، فإن كان ذا مادة فقط فالبديع أو صورة، فإن تعلق بمجرد الوزن فالعروض وإلا فالقافية أو فيما يعم المفرد والمركب معا وهو النحو أو بالخط فإن كان موضوعه الوضع الخطى فالرسم أو النقل فقوانين القراءة وإن كان موضوعه الذهن ومنفعته جلية الحدس والفكر والقوة العاقلة وغايته عصمة الذهن عن الخطأ في الفكر، فالميزان وهو المعيار الأعظم الموثق البراهين الذي لا ثقة بعلم من لم يحسنه، وقد ثبت أن سبب الطعن عليه فساد بعض من نظر فيه قبل أن تهذبه النواميس الشرعية فظن أنها برهانية كالحكمة، فلما تبين له خلاف ذلك استخف بها وتبعه أمثاله والفساد من الناظر لا من المنظور فيه بل المنطق يؤيد الشرائع وكذلك الحكميات لأنه قد ثبت فيها أن الكلى إذا حكم عليه بشئ تبعه جزئيه وأن النبوة كلي أجمع على صحتها فإذا لم يجد لبعض جزئيات جاءت بها كتخصيص رمضان بالصوم وتجرده عن الثياب عند الاحرام في الميقات حجة كان برهانها القطع بالحكم الكلى وهو صدق من جاء بها وأجزاؤه تسعة أو عشرة قدمنا الإشارة إليها سابقا إجمالا بحسب اللائق هنا، أو نظرا فيما جرد من المادة مطلقا كما مر وكانت منفعته صحة العقيدة وغايته حصول سعادة الدارين فالإلهي أو نظر فيما له مادة في الذهن والخارج، فإن كان موضوعه البدن ومنفعته حفظ الصحة وغايته صون الأبدان من العوارض المرضية فالطب، أو أجزاء البدن ومنفعته معرفة التركيب وغايته إيقاع التداوي على وجهه فالتشريح، أو نظر في النقطة وما يقوم عنها من مجسم ومخروط وكرة فالهندسة، أو في تركيب الأفلاك وتداخلها ومقادير أزمنتها فالهيئة ومنفعتها معرفة المواقيت وغايتها إيقاع العبادات في أوقات أرادها الشارع وجمعنا بينهما لان الأول مبادى الثاني، أو فيما يمكن تجرده فالرياضي وقد عرفت أقسامه، أو كان نظره فيما سوى الانسان، فإن كان موضوعه الجسم الحساس غير الطيور فالبيطرة أو هي فالبزدرة أو الجماد، فإن كان موضوعه الجسم النباتي فهو علم النبات ويترجم بالمفردات وعلم الزراعة وأحوال الأرض ويترجم بالفلاحة. أو المعدن، فان نظر في الطبيعي منه فعلم المعادن بقول مطلق وتقسيمها إلى سائل ونام وجامد ومنطرق وتقسيمها في أنواعها وأجناسها وأثمانها وخواصها ومكانها وزمانها أو في المصنوع فعلم الكيمياء (والحصر الرابع) أن يقال العلم إما علم بأمور ذهنية
صفحة ٦