الأجسام مما فوقه وما عدا ذلك فمركب من الهيولي والصورة الجنسية إذ كل جسم له مادة بها إمكان وجوده وصورة تلازمها قابلة للتنويع ومن ثم سميت الجنسية كالزئبقية والكبريتية والعصارات والمنى فإذا تعينت نوعا فهي الصورة النوعية كتمحض الأول ذهبا والثاني عودا والثالث إنسانا وأما هنا فالمراد بالبسيط ما كان نوعا واحدا والمركب ما كان اثنين فأكثر والذي ينبغي تركيب الدواء لأجله عظم المادة واختلاف المرض وتعدد الخلط ومعاصاته وعسر العلة بحيث لا يقدر المفرد على حلها إلى غير ذلك إذ من الواجب التقليل ما أمكن فلا يعدل إلى مفردين إذا أمكن العلاج بواحد ولا إلى ثلاثة إذا أمكن باثنين وهكذا ثم المطلوب من التركيب إما أحكام امتزاجه وأن ينتفع به زمنا طويلا إما خارج البدن لعضو معين كالكحل أو مطلقا كالمراهم المدملة أو في داخله إما للمعدة كالجوارش أو للقلب كالمفرحات أو للتنقية كالمسهل والمدر أو مطلقا كالحميات أو من خارج وداخل معا كغالب الادهان أو يكون له مزاج ولكن لا يطلب بقاؤه زمنا طويلا كبنادق البزور أو لا يكون له مزاج أصلا سواء استعمل من خارج لعضو مخصوص أولا كالسعوط والطلاء أو من داخل كالسفوف إذا لم يختص بعضو والمدر إذا اختص وإنما نفى المزاج عن مثل هذا بالنسبة إلى ما قبله وإلا فالمزاج لا يفارق مركبا (وقوانين التركيب) تختلف باختلاف أنواعه وكما شرطنا للمفردات أن يشتمل كل واحد منها على قوانين معلومة كذلك المركب بالأولى لأنه من تلك المفردات فتدخله قوانينه ضمنا ويختص هو بقوانين عشرة (الأول) اختلاف المزاج في الفساد اختلافا لا يقاومه مفرد كما إذا كان المرض من بلغم في الثالثة وسوداء في الأولى فان المركب يجب أن يكون حارا في الرابعة رطبا في الثانية وجوبا لتقع المطابقة بينه وبين المرض وما ذاك إلا لان الخلطين المذكورين في مثالنا باردان لكن من أحدهما جزء والآخر ثلاثة أجزاء فاكتمل البرد وأما من جهة الرطوبة فثلاثة واليبس واحد إذا قوبل بجزء منها تساقطا وبقى من الرطوبة اثنان فصار المرض باردا في الرابعة رطبا في الثانية فإذا كان المركب مثله نفع قطعا وعلى هذا فقس متثبتا فإنه مزلة الاقدام وكم تعلق به أقوام ثم ذموا التراكيب عند عدم قطعها ونفعها وظنوا أنها باطلة وما ذاك إلا لجهلهم بقوانين الدربة ودساتير الصناعة. قال جالينوس: اعلم أن آفة المركبات وقواطعها كثيرة كالافساد من جهة الدق والنقع والغسل والطبخ والجهل بعين الدواء جيده وحديثه وسلامته إلى غير ذلك، قال وقد كان عند قوم نسخ فسلبهم الزمان تلك النسخ فلم يستطيعوا تجديدها لجهلهم بالقوانين وماتوا غما فالعارف قادر على اتخاذ مركب متى شاء (القانون الثاني) في اختلاف حال المرض من جهة القوة والضعف فلا يفي المفرد باصلاح المادة المختلفة (الثالث) حال المريض بالنسبة إلى الزمان والخلط كمن يضعف بالمرض البارد صيفا أو في سن الشباب فإنه يحتاج إلى حافظ لقوته معدل لها ولا يتم؟؟ إلا بالبارد في مثالنا وإلى مزيل للمرض ولا يتم إلا بالحار فلابد من مركب جامع للامرين على وجه لا يبطل أحدهما الآخر (الرابع) قرب العضو وبعده من المعدة وما في طريق الدواء إليه من التلافيق وضيق المسالك فيجب اشتمال الدواء على مزيل للعلة وجاذب يوصل الدواء إليها (الخامس) أن يكون المرض في عضو شريف يخشى عليه من الدواء فيجب اشتماله على ما يحفظ العضو ويصيره قادرا على احتمال الدواء (السادس) أن يكون المتداوى به كريه الطعم فلا يحتمله المريض فيخلط بما يصلح طعمه (السابع) أن يكون ضارا فيحتاج إلى خلط بما يصلحه (الثامن) أن يكون الدواء مسلطا على مطلق الخلط من غير استقصاء فيحتاج إلى مقو على استئصال الخلط كحاجة التبرد إلى الزنجبيل أو قويا لا يحتمل فيخلط بما يكسر سورته كالنشا مع العرطنيثا في الكحل (التاسع) بقاء الدواء زمنا
صفحة ٣١