العفوصة بدون القبصى كما في السماق وبالعكس كما في البلوط وما جرد اللسان أي حلل لزوجاته بغوص وخشونة حريف وبدون الغوص مر لمامر من كثافته وبدون الخشونة مالح وأبعدها من التعفين المر لشدة يبسه فلا يعيش معه ولا ينشأ منه حيوان والثلاثة متقطعة أي جاعلة الاخلاط أجزاء صغارا وتحلل أي تذيب وتحلو يعنى تغسل اللزوجات وتلطف الغليظ وتحلل أجزاءه وتذهب لدونته وما غذى بالغا ولطف مع غوص ولده حلو وبدونهما دسم وفى الكل ملاسة ورطوبة وبين المر والمالح اشتراك في الجلاء والتقطيع وافتراق في الملاسة وضدها ويشارك الحامض القابض والعفص في الجمع وعدم التغذية ويفارقهما في الرطوبة والمائية المحلولة ويشارك الحلو الدسم في الغذاء وإن كان الأول أكثر غذاء ولذة ويفترقان في الغوص وعدمه فهذه أفعال بسائط طعوم وللمركبات منها حكم ما تركبت عنه، قالوا وتنحصر أنواع التركيب في خمسمائة واثنين. وطريق الحصر أن أقل المركبات الثنائي وأكثرها التساعي والمركب إما متساوي الاجزاء أو زائد أو ناقص بنسبة بعضها إلى بعض في كل، مرتبة والزيادة والنقص إما في واحد بالنسبة إلى الباقي أو أكثر وكل إما تدريجا نسبيا أو لا فهذه ضوابط التركيب وأنفعها مر مع قابض لاجتماع الجلاء والتقوية كالاسفنتين وأعظم منه في إصلاح المعدة حلو مع قابض عطري كالسفرجل وللقروح مر مع عفص لاكل الزائد على الصحيح وهكذا.
وأما الروائح فبسائطها نوعان: الطيب والخبيث، وأما قسمتها إلى قوى وحار وكافوري وحامض ومسكر ونظائرها فخارج عن هذا الباب ولا اسم لها عندهم والاستدلال بها ضعيف خصوصا في الانسان فإنه أضعف الحيوانات شما لمعرفة مواضع الغذاء بالفكر والحيوانات بالرائحة ومن ثم كان أضعفها أقواها إدراكا للرائحة كالنمل ولا ينافي هذا ما سبق من أنها واسطة بين الألوان والطعوم لعدم لزوم التنافي بين قوة الدليل في جنسه وخصوصيته والأجسام إما فاقدة الرائحة لفقدان الكيفيات في نفس الامر وهذه هي البسائط الحقيقية أو في الظاهر فقط، والعائق حينئذ عن إدراكه إن كان ضعف الحاسة فلا كلام فيه وإلا فإن كان مشتملا على دهنية وبخار أكثر من الدخان وفيه رطوبة تثبت ذلك ظهرت رائحته بالحك والحرق كالعود والعنبر والكمكام وإن فقدت هذه الشروط لم تظهر بالحيلة كالاملاح أو كثيرة الرائحة جدا إما مشابهة لطعومها وهذه معلومة أولا فإن كانت من مائية وأرضية وتفهت مائيتها خالف ريحها طعمها كالورد فان المشموم منه مائيته لتصعدها ولا تدرك بالطعم لتفاهتها وإنما المدرك أرضيته للمرارة والعفوصة وإن لم تختلف أجزاء المركب تشابهت رائحته وباقي مدركاته وغالب الطيوب حارة حتى قالوا ليس منها بارد إلا الورد والبنفسج واللينوفر والآس والخلاف والكافور. واختلفوا في الرائحة، فذهب المعلم وغالب الاجلاء إلى أنها تكيف الهواء بالرائحة ومن ثم يكفي أقل ما يظهر من الجسم لسهولة تكيف الهواء، وذهب آخرون إلى أن إدراك الرائحة بتحليل أجزاء من الجسم في الهواء وعليه يلزم نقص المشموم حتى يضمحل وقد امتحنا ذلك فلم يظهر ولكن ربما كان في الجسم رطوبات غريبة فتنقص فيظن تحليلا وفصل قوم فجعلوا الرائحة ما ركب من مائية وأرض تحليلا ومن غيره تكييفا، وأما الألوان فقد علمت ما فيها فإذا استحكمت هذه البسائط الثلاثة بأنواعها فاحكم على ما اختلف منها بالتركيب مثاله قد أسلفنا أن كل حاد الرائحة حار وكل عفص وقابض بارد فإذا وجدت في مفرد فهو مركب من جواهر مختلفة.
(تنبيهات) الحاران صاعدان ومتحللان بسرعة والرطبان متبخران وما سواهما ثابت فإذا استنشق المفرد كان المدرك منه ما فيه من الصاعد والمتبخر وله الغلبة لخفته فلا يد من عرض المفرد وقت الامتحان على جميع الأقيسة ليثق بطبعه. (الثاني) الاستدلال المأخوذ من أفعالها في البدن
صفحة ٢٤