لابد وأن يقع في الجذام والعلامات بأسرها من حيث الزمان ثلاثة ماض ينفع الطبيب فقط في ازدياد الثقة به كانحطاط النبض على إسهال تقدم ونداوة البدن على عرق وحاضر ينفع المريض وحده فيما ينبغي أن يدبر به نفسه كسرعة النبض على فرط الحرارة ومستقبل ينفعهما في الامرين المذكورين كحكة الانف والحمرة على أنه سيرعف ويكون من حيث ما يدرك به في الحس كهو في التقسيم والحس من العلامات لازم ولو من حيث الافعال لان المقوم للجوهر هو نفس الافعال من حيث هي أما من حيث التمام والنقص فمن اللوازم. واختلفوا في ترادف الدليل والعرض والأصح اختلافهما لأنهما من حيث الطبيب أدلة والمريض أعراض وما قيل إن العرض أعم يلزم عليه أن يكون لنا دليل ليس بعرض وهو غير ظاهر، والعلامات إما جزئية كالكائنة لمرض بعينه كحمرة العين واختلاط العقل على البرسام أو كلية تدل على كل مرض دلالة مطلقة وإن كانت قابلة للتفصيل والأول يذكر في مواضعه من الباب الرابع. والثاني إما أن يدل على حال البدن كله وهو النبض أو أكثر وهو القارورة أو يؤخذ من ظاهره فقط الدلالة على حالاته كلها وهو الفراسة أو بعضها كبياض الشفة السفلى على مرض المقعدة وكل يأتي مفصلا. ولما كان غرض الطب النظر في بدن الانسان من حيث أحواله الثلاثة التي عرفتها أتينا على أقسامها ليستحضرها العامل بها وهذا هو التقسيم الأول وسيأتى الثاني الذي نسبته إلى الأول كالشخص إلى النوع، فلنبدأ في أحكام التدبير مقدمين أحوال الصحة لأنها الأصل في الأصح وهو تتم بتدبير الأسباب الضرورية وقد وعدنا بها في أماكنها فلنتكلم في أمورها الكلية.
* (فصل) * اعلم أن المتناول إما فاعل بالمادة والكيفية ذاتا وعرضا وهو الغذاء أو بالكيفية فقط وهو الدواء أو بالصورة وهو ذو الخاصية موافقة كالبادرزهر أو مخالفة كالسم فهذه بسائط المتناولات مثل الخبز والسقمونيا، وقرن الأيل والزرنيخ فان تركبت نسبت إلى ما غلب عليها فيقال لنحو الماش غذاء دوائي لأنه يفعل بالمادة والكيفية ولنحو الاسفاناخ دواء غذائي لان فعله بالكيفية أكثر ولنحو البنج دواء سمى لأنه يفعل بالكيفية أكثر من الصورة وعكسه البلادر وقس على هذا ما ستقف عليه في المفردات إن شاء الله تعالى، ثم الغذاء إما رقيق لطيف كالاسفاناخ أو غليظ كالجبن أو معتدل كمرق الحملان وكل منهما إما جيد كمرق الفراريج والبيض والسمك الصغار أو معتدل كمرق الجدي والحمص والجبن الطري أو ردئ كالخردل والثوم والبصل وكل إما كثير الغذاء كالنيمرشت أو معتدله كمرق الحمص بالعسل أو قليله كسائر البقول فعلى حافظ الصحة أن يستعمل المعتدل من كلها والناقة اللطيف ومريد القوة كأواخر النقاهة الغليظ. ويجب اجتناب ما عدا التين والعنب من الفواكه إلا السفرجل لكثير البخار والكمثرى للصفراوي والتفاح لذي الخفقان إلى غير ذلك ولا بأس بأكل يابسها وما مضت عليه أيام من قطعه ويجتنب تناول الخبز الحار لاحداثه العفونة والبخار ولطيف فوق كثيف كبطيخ على لحم وما عهد من جمعه الضرر الشديد إما لاتفاقه طبعا كسمك ولبن وما قيل من أن أكلهما كالاستكثار من أحدهما فباطل لاختلاف الصورة الجوهرية. على أن هذا البحث لا ينفى الضرر إذ الاكثار ضار مطلقا أو طعما كزبيب وعسل لا قصب وسكر لاتحاد النوع. وإما بالخاصية كهريسة ورمان وعنب وورس وأرز وخل وعدس وماش ولبن ودجاج وبطيخ أصفر وعسل. ويجب محاذاة الفم بما يتناول منه وتصغير اللقمة وطول المضغ وكونه بكرة في الصيف ووسطا في الشتاء وأكثره مرتان في اليوم والليلة وأقله واحدة وأن لا يدخل غذاء على آخر قبل هضمه كالأطعمة المختلفة في وقت واحد إذا سلك بها الطريق
صفحة ١٧