قال علماؤنا رضي الله عنهم: قوله اقرأه في كل شهر, ثم قال بعد ذلك في كل عشرين, ثم قال فاقرأه في كل سبع هكذا في أكثر الروايات لمسلم, ووقع في كتاب ابن أبي جعفر وابن أبي عيسى زيادة فاقرأه في عشر, وبعد ذلك قال له اقرأه في سبع, وخرج الترمذي أبو عيسى عن أبي بردة عن عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله في كم أقرأ القرآن؟ قال: ((اختمه في شهر)) قلت: إني أطيق أفضل من ذلك قال: ((اختمه في عشرين)) قلت: إني أطيق أفضل من ذلك, قال: ((اختمه في خمس عشرة)) قلت: إني أطيق أفضل من ذلك قال: ((اختمه في عشر)) قلت: إني أطيق أفضل من ذلك قال: ((اختمه في خمس)) قلت: إني أطيق أفضل من ذلك, قال: فما رخص لي. قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح غريب مستغرب من حديث أبي بردة عن عبد الله بن عمرو وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عبد الله بن عمرو. وروى عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) خرجه الترمذي وقال فيه حديث حسن صحيح ونحوه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه)) وروي عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((اقرأ القرآن في أربعين)) وقال إسحاق ابن إبراهيم: ولا نحب للرجل أن يأتي عليه أكثر من أربعين يوما ولم يقرأ القرآن لهذا الحديث. وقال بعض أهل العلم لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث للحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم . وروي عن معاذ بن جبل أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وكان تميم الداري يختم في كل سبع. وعن خثيمة بن عبد الرحمن أنه كان يختم القرآن في ثلاث، وكذلك طلحة بن مصرف، وحبيب بن أبي ثابت، والمسيب بن رافع كانوا يختمون القرآن في كل ثلاث ثم يصبحون في اليوم الذي يختمون فيه القرآن صياما. ورخص بعض أهل العلم في قراءته في ركعة. وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يقرأ القرآن في ركعة يوتر بها، وروي عن سعيد بن جبير عن عثمان أنه قرأ القرآن في ركعة في الكعبة. وكان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين وفي غير رمضان في كل ست ليال. وكان أبو حنيفة يختم في رمضان ستين ختمة، بالليل ختمة، وبالنهار ختمة. والترتيل في القرآن أحب إلى أهل العلم. وروى الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول له في الأصل الثاني والثمانين والمائة، أخبرنا عمر بن أبي عمر العبدي قال: ثنا المسيب بن واضح السلمي قال: ثنا ابن المبارك عن معمر عن سماك بن الفضل عن وهب ابن منبه عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يقرأ القرآن في أربعين ليلة، فاستزاده حتى رجع إلى سبع. قال أبو عبد الله والأربعون مدة الضعفاء وأولى الأشغال تنقسم الجميع على الأربعين فيكون في كل يوم مائة وخمسون آية، وزيادة آيات يسيرة. وفي السنة تبلغ ختمة تسع مرات وأما توقيت السبع فإنه للأقوياء الذين يقدرون على سهل الليل واحترفوا العبادة وتفرغوا من أشغال النفس والدنيا.
قال المؤلف رحمه الله: وروي عن يحيى بن عيسى بن ضرار السعدي وكان قد بكي شوقا إلى الله تعالى ستين عاما - قال: رأيت كأن ضفة نهر تجري بالمسك الأذفر، حافتاه شجر اللؤلؤ، ونبت من قضبان الذهب، فإذا بجوار مزينات يقلن بصوت واحد: سبحان المسبح بكل لسان، سبحان الموجود بكل مكان، سبحان الدائم في كل زمان، سبحانه سبحانه. قال: قلت: من أنتن؟ قلن: خلق من خلق الرحمن سبحانه، قلت: وما تصنعن هنا؟ فلن هذا الكلام:
ذرأنا إله العرش رب محمد ... لقوم على الأقدام بالليل قوم
يناجون رب العالمين إلههم ... وتسري هموم القوم والناس نوم
فقلت: بخ بخ لهؤلاء من هؤلاء؟ لقد أقر الله أعينهم، قلن: أما تعرفهم فقلت: والله ما أعرفهم، قلن: هؤلاء المجتهدون بالليل أصحاب السهر.
صفحة ٨٥