وروى ابن لهيعة حدثنا مشرح بن هاعان قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لو كان القرآن في إهاب لم تأكله النار)) قال أبو عبيد القاسم بن سلام: وجه هذا عندنا أن يكون أراد بالإهاب قلب المؤمن وجوفه الذي قد وعى القرآن. قال أبو جعفر الطحاوي: تكلم أهل العلم في هذا الحديث فقالت طائفة معناه أن من كان معه القرآن وقاه الله من النار كما وقى إبراهيم الخليل عليه السلام من النار, فمعنى المراد بذكر الإهاب الإنسان. وقالت طائفة أخرى: الإهاب المذكور في هذا الخبر هو الذي يكتب فيه القرآن, أي إهاب كان, فإذا ألقي في النار وفيه القرآن وقى الله تعالى القرآن ونزهه عن النار فيرفعه من الإهاب, فتحرق النار الإهاب وهو خال من القرآن لا قرآن فيه. ووالله أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولم يذكر أبو جعفر اختيارا في ذلك, واختار غيره أن معنى الحديث راجع إلى معنى قوله تعالى: {جنات عدن يدخلونها} وأن أحدا منهم لا تمسه النار يوم القيامة, والإهاب الإنسان, وأن الثلاثة الأصناف من حملة القرآن لا تحرقهم النار إن شاء الله تعالى.
قال المؤلف رضي الله تعالى عنه: الأحاديث الثابتة ترد هذا القول على ما دلت عليه من إدخال من قرأ القرآن النار من الموحدين الذين قرؤه وحفظوه ولم يعملوا به, ثم يخرجون بالشفاعة.
الباب التاسع في فضل من أعطى القرآن وعمل به
صفحة ٦٣