٢ — قال الحسن: قد يشكل على فرفريوس فيقال: زعمت أن فصل خاص الخاص لا يقبل الأكثر والأفل، والخاص يقبل، وها نحن نوجدك من فصول خاص الخاص ما يقبل الزيادة وتانقصان، ومن فصول الخاص ما لا يقبل؛ من ذلك أن تفرقة البصر من فصول خاص الخاص للبياض، لأها مأخوذة فى حده، والجمع للبصر من فصول خاص الخاص للسواد. وقد يوجد سواد أشد جمعا للبصر من سواد آخر، فإن جمع سود الغراب لأبصارنا أشد من جمع سواد القار مثلا والأبنوس؛ وكذلك البياض الموجود فى الطائر المسمى ققنس أشد تفرقة للبصر من الثلج. فقد وجدنا إذن من فصول خاص الخاص ما يقبل الأكثر والأفل. ومن ذلك أن سقراط بن سفرونسقوس الذى من أهل أثينية يوجد له عرض خاص، وهو أنه ابن سفرونسقوس من أهل أثينية، وهذا لا يوجد بالأفل والأكثر فى وقت من الأوقات، فإنه ليس إنسان فى أنه ابن فلان أو من بلدة فلان بأكثر من إنسان آخر فى أنه ابن فلان أو من بلدة فلان. فقد وجدنا إذن من فصول الخاص ما لا يقبل الأكثر والأفل.
فنقول فى الجواب عن الشك الأول: إن قولنا فى البياض إنه لون مفرق للبصر ليس هو رسما لبياض ققنس أو بياض الثلج، بل هو للبياض المطلق، أعنى لمعنى البياض وذاته التى يدل عليها بحده؛ وهذا ليس يختلف ألبتة، وليس منه ما هذا للمعنى موجود له بالأقل والأكثر، وإنما عرض أن يكون بياض ققنس أشد تفرقة من بياض الثلج، من أجل الهيولى التى وجد فيها البياض المطلق، فإنه لما كانت الهيولى القابلة للبياض فى الثلج وققنس مختلفة، كان قبوله لمعنى البياض مختلفا، فوجد لبعضها وهو الققنس بالأكثر، ولبعضها وهو الثلج بالأقل. وهذا الشك وهذا الحل غير لائق بهذا الموضع لأنه نظر إلهى؛ والنكتة فيه هى أن المعانى بتجريدها أكمل منها إذا قارنت الهيولى. وأما الجواب عن الشك الثانى فهو أن الفصول التى أوردت لسقراط ليست فصولا خاصة بل خاص الخاص، لأنها تفصل سقراط من المشارك له فى الاسم.
صفحة ١٠١