وعدت من باكستان بعد أن تجولت مع الزملاء في طول البلاد وعرضها وزرت ولاياتها وبدأت أستعد لكي أكتب عن باكستان كتابا أضمه إلى كتبي السابقة: «تعال معي إلى أوروبا» و«تعال معي إلى أمريكا» و«تعال معي إلى أمريكا اللاتينية» ...
ولكنني قلت لنفسي: لقد اعتاد القراء أن يقرءوا لي كتابا عن قارة كاملة لا عن دولة ... وإذا كان إخراج كتاب «تعال معي إلى آسيا» أمرا عسيرا في الوقت الحاضر لظروف غير خافية، فلا أقل من أن يكون عنوان الكتاب «تعال معي إلى شبه القارة الهندية» لكي يضم وصف الدولتين: الهند وباكستان. وأخذت أفكر في القيام بجولة في الهند تشبه الجولة التي قمت بها في باكستان ...
وأخذت الأيام تمر حتى انقضى أكثر من عام ولم أقم بعد بالزيارة المرتقبة للهند.
ولما كانت كتبى فى هذه السلسلة «تعال معي» لا تضم إلا ما يراه المؤلف بعينيه، وما يسمعه بأذنيه، وما يحسه بقلبه ... لذلك وجدت لزاما علي أن أبادر بإخراج هذا الكتاب للقراء حتى لا تتغير تلك الصورة الجميلة العزيزة التى رأيتها للدولة الناشئة الناهضة.
فرج جبران
من طرائف الرحلة
جمعت الرحلة التي قام بها الصحفيون المصريون إلى باكستان سبعة من الصحفيين وموظفا رسميا وصحفية واحدة هي السيدة أمينة السعيد.
ولم تكن هذه هي أول مرة تزور فيها السيدة أمينة السعيد تلك الجهات النائية، فقد سبق لها أن زارت شبه جزيرة الهند قبل تقسيمها إلى دولتين: الهند وباكستان.
وكانت قد زارت باكستان في عام سابق سيدة فاضلة أخرى هي السيدة راجية حرم الأستاذ محمد عبد القادر حمزة واشتركت في مؤتمر السيدات المسلمات الدولي، وقد عرفت كثيرات من السيدات في الحفلات التي كنا ندعى إليها أن الأستاذ محمد عبد القادر حمزة زوج السيدة راجية من بين أعضاء بعثة الصحفيين المصريين، ولذلك كن يسألن عنه ويقبلن عليه لسؤاله عن السيدة زوجته التي تعرفن إليها من قبل عند زيارتها للباكستان للاشتراك في المؤتمر، بل إن بعضهن كن قد احتفظن لها ببعض الصور الفوتوغرافية التي أخذت لها عند زيارتها فسلمن هذه الصور لزوجها لكي يحملها إليها ...
وقد أثبتت السيدة أمينة السعيد في مناسبتين أنها قوية الأعصاب شديدة الاحتمال للمتاعب ... أثبتت أنها قوية الأعصاب عندما زرنا كشمير الحرة أو «أزاد كشمير»، ووقف الأستاذ محمد عبد القادر يتحدث إلى موظفي الحكومة التي تدير هذا القسم من كشمير وإلى بعض الأهالي فكادت تخنقه العبرات وهو يخطب حتى اضطر أن يتوقف دقائق لكي يستجمع أفكاره من فرط تأثره، وقد انتقل هذا التأثر إلينا جميعا وإلى السامعين فساد صمت عميق وأخذ بعض الحاضرين في تجفيف دموعهم ... بل لقد ارتفعت أصوات بعض سكان أزاد كشمير بالنحيب الخافت ... إلا سيدة واحدة ظلت محتفظة برباطة جأشها وتمكنت من التحكم في أعصابها وهي السيدة أمينة السعيد ...
صفحة غير معروفة