وقال القائد الأعظم يسأل نشتر: إن ما أعجب له هو أين مخلفات الحكومة القديمة، ولماذا لا نستعملها؟!
فأجاب نشتر: ليس عندنا شيء منها، ونحن لا نملك شيئا إلا وحدتنا وثقافتنا وتضامننا! وهز القائد الأعظم رأسه مؤمنا وهو يقول: نعم! ليس عندنا حقا غير هذا!
مشاكل الدولة الجديدة
إن مشكلة تكوين باكستان من قسمين متباعدين أحدهما في شرق الهند والآخر في غربها ليست هي المشكلة الوحيدة التي تواجه هذه الدولة، فهناك مشاكل كثيرة أخطر من هذه.
وأكبر مشكلة هي مشكلة كشمير التي لا تزال تنتظر إجراء استفتاء عادل يفصح عن رغبة أهلها، فإما الاستقلال وإما الانضمام إلى باكستان أو الهند.
وثمة مشكلة ثالثة تتعلق بموقف أفغانستان من باكستان، فالحالة على الحدود بين هاتين الدولتين غير مستقرة، ورغم أن أفغانستان هي التي تجاور باكستان مباشرة ورغم الروابط الدينية، فإن أفغانستان أوثق صلة بالهند من باكستان. ومع ذلك فإن باكستان تسير في طريقها قدما، وتجاهد في سبيل تحقيق أمانيها بكافة الوسائل برغم العقبات التي تعترض طريقها، ومنها عقبات ورثتها عن الماضي وعقبات متجددة، أهمها مشكلة اللاجئين الذين يبلغ عددهم ثمانية ملايين يتزايدون باستمرار.
ولا تزال مشكلة هجرة اللاجئين وتدبير أمر استقرارهم من أكبر المشاكل التي تواجه الباكستان في الوقت الحاضر، ومع أن مشاكل اللاجئين تعتبر عادة من الظواهر العامة التي تلازم تأسيس أية دولة حديثة إلا أنها ذات وضع خاص بالنسبة لباكستان.
فقد ابتدأت هجرة المسلمين من سكان شبه القارة الهندية إلى الباكستان منذ اللحظة التي وافق فيها زعماء الطرفين على مشروع تقسيم البلاد إلى الباكستان والهند، وما إن أعلن عن ميلاد دولة الباكستان في أغسطس عام 1947 حتى ابتدأت جموع اللاجئين المسلمين تتجه إليها بشتى الوسائل؛ بالقطارات والسيارات وقوافل المشاة.
ولم يكد ينتهي العام المذكور حتى كان قد دخل الباكستان زهاء خمسة ملايين شخص، كان معظمهم في حالة يرثى لها، واستمر سيل هؤلاء اللاجئين حتى بعد أن تمت عملية الجلاء المنظم إلى الباكستان الغربية، وعندما أجري أول إحصاء عام للبلاد في أوائل عام 1951 كان عدد اللاجئين في البلاد قد أربى على سبعة ملايين لاجئ، وإنه لمن المتعذر أن نحصي هنا جميع الصعاب التي جابهت هذه الدولة الفتية ذات الموارد المحدودة أثناء محاولتها توفير سبل الاستقرار لهؤلاء المشردين.
ومما يثير القلق في هذا الموضوع أن سيل اللاجئين من الهند لم ينقطع بعد، وخاصة عبر الحدود الفاصلة بين السند وجودبور في الباكستان الغربية، وهو الأمر الذي يزيد مشكلة إيواء اللاجئين المزمنة تعقيدا، وقد تخطى عدد اللاجئين في البلاد المليون الثامن ويقيم سبعة ملايين منهم في الباكستان الغربية.
صفحة غير معروفة