251

التبصرة

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: زُجِرَ فِي مَنَامِهِ عَنِ الدُّعَاءِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، وَخَاطَبَهُ أَتَانُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ.
وَهَذَا رَجُلٌ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ بَلْ ضَرَّهُ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: الْعِلْمُ يَضُرُّكَ إِذَا لَمْ يَنْفَعْكَ. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ: نُبِّئْتُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ يَتَأَذَّى أَهْلُ النَّارِ بِرِيحِهِ فَيُقَالُ لَهُ: وَيْحَكَ مَا كُنْتَ تَعْمَلُ؟ أَمَا يَكْفِينَا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ حَتَّى ابْتُلِينَا بِكَ وبنتن رِيحِكَ! فَيَقُولُ: كُنْتُ عَالِمًا وَلَمْ أَنْتَفِعْ بِعِلْمِي.
وَكَتَبَ حَكِيمٌ إِلَى حَكِيمٍ: يَا أَخِي قَدْ أُوتِيتُ عِلْمًا فَلا تُدَنِّسْ عِلْمَكَ بِظُلْمَةِ الذُّنُوبِ فَتَبْقَى فِي الظُّلْمَةِ يَوْمَ يَسْعَى أَهْلُ الْعِلْمِ بنور علمهم!
وكان عيسى بن مَرْيَمَ يَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ الْعُلَمَاءِ مَثَلُكُمْ مَثَلُ الدِّفْلَى يُعْجِبُ وَرْدُهُ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ وَيَقْتُلُ طَعْمُهُ مَنْ أَكَلَهُ، كَلامُكُمْ دَوَاءٌ يُبْرِئُ الدَّاءَ وَأَعْمَالُكُمْ دَاءٌ لا يَقْبَلُ الدَّوَاءُ، وَالْحِكْمَةُ تَخْرُجُ من أفواهكم وليس بينها وبين آذَانِكُمْ إِلا أَرْبَعُ أَصَابِعَ ثُمَّ لا تَعِيهَا قُلُوبُكُمْ! مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ كَيْفَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَطْلُبُ الْكَلامَ لِيُخْبِرَ بِهِ وَلا يَطْلُبُهُ لِيَعْمَلَ بِهِ، الْعِلْمُ فَوْقَ رُءُوسِكُمْ وَالْعَمَلُ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ، فَلا أَحْرَارٌ كِرَامٌ وَلا عَبِيدٌ أَتْقِيَاءُ.
الْكَلامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ
(جِدُّوا فَإِنَّ الأَمْرَ جَدُّ ... وَلَهُ أَعِدُّوا وَاسْتَعِدُّوا)
(لا يُسْتَقَالُ الْيَوْمُ إِنْ ... وَلَّى وَلا لِلأَمْرِ رَدُّ)
(لا تَغْفَلَنَّ فَإِنَّمَا ... آجَالُكُمْ نَفَسٌ يُعَدُّ)
(وَحَوَادِثُ الدُّنْيَا تَرُوحُ ... عليكم طورا وتغدو)
(أين الأولى كنا نرى ... ماتوا ونحن نموت بعد)
(مالي كأن مناي يبسط ... لي وآمالي تمد)
(ما غَفْلَتِي عَنْ يَوْمِ يَجْمَعُ ... شِرَّتِي كَفَنٌ وَلَحْدُ)
(ضيعت ما لا بدلي ... منه بمالي منه بد)
(ما نحن فيه متاع أيام ... يعار ويسترد)

1 / 271