إن كان يراد به تمثيل العدالة الإلهية فى الأرض، فإن الرجل فى أسرته، والعمدة فى قريته، والمأمور فى مركزه، والمدير فى مدينته، كلهم ظلال الله فى الأرض. وفي هذا التعبير ضرب من الشعر والخيال مقصود، أما إن كان ظل الله فى الأرض رجلا يمثل الألوهية بين الناس، فهو يفعل ما يشاء، ويستعبد من يشاء، ويتخذ الحكم ذريعة لهذه السيادة السقيمة، فإن هذا الظل يجب أن يتقلص. فليس الناس عبيدا إلا لرب واحد: (أإله مع الله تعالى الله عما يشركون). وقد تلقب سلاطين الأتراك بما شاءوا من أمارات الجاه وشارات المجد ولم يخجلوا من الاتصاف بأنهم ظلال الله فى الأرض- كما ترى فى هذه الرسالة- مع أن تاريخ الاستبداد السياسى يحفظ فى طياته صورا مخزية لهذه الظلال المريبة، ويوحى بأن هذه الظلال كانت لمردة وشياطين!! إن صلة الحاكم بالته لا تزيد عن صلته جل وعلا بأى عبد من عباده، وقد روى أن رجلا جاء إلى أبى بكر يناديه: يا خليفة الله! فغضب أبو بكر ولم ير نفسه أهلا لهذه الإضافة الخطيرة، مع أن الخلافة عن الله أقرب إلى الحقيقة الإنسانية العامة من- ظل الله- التى ينحلها الحكام المستبدون لأنفسهم! إذ أن البشر جميعا استخلفهم الله مثلا لعمارة الأرض وتنظيم شئونها! وقد استكثر أبو بكر على نفسه هذه الصفة خشية أن ترمز إلى معنى من معانى القداسة المكذوبة وهو أعرف الناس بأن الحاكم رجل من الشعب، اختاره عن رضا ليتولى أمره. وأنه إذا شاء أبقاه وإذا شاء أقصاه، وأن الشعب يملك عليه كل شىء ولا يملك هو للشعب أى شىء. أما نظرية العصور المظلمة فى فهم الحكم والحكام فقد رفضها الدين رفضا حاسما، ولكن هذا لم يمنع بعض السلاطين أن يعيدوا خرافة الحكم الفردى ، وأن ينعتوا أنفسهم بما قرأت من نعوت لا يقرها الدين. * * * * . حقيقة الألقاب الألقاب العلمية الدالة على مدى نصيب صاحبها من الثقافة ، والألقاب العسكرية الدالة على مدى استعداد صاحبها للكفاح، والألقاب الإدارية الدالة على قدرة ص _020
صفحة ١٨