swerve
ليفسروا اصطدام الذرات واجتماعها وافتراقها، وهو يؤثر في حركة الذرات في مواضع زمنية ومكانية تتعذر على التحديد؛ ومن ثم فهم لا يتركون في نظريتهم مكانا للغائية الأرسطية والأفلاطونية، بل كل شيء عندهم قابل للتفسير في حدود اجتماع الذرات وافتراقها على نحو عرضي لا غاية فيه، ويتركون في الوقت نفسه مسحة من حرية الإرادة في عالم آلي محدد فيما عدا ذلك تحديدا تاما.
4
والأبيقورية في صميمها نظرية أخلاقية. والهدف من دراسة الطبيعة عند الأبيقوريين هو أن تسهم بعد كل شيء في سعادة الإنسان وهنائه. غير أنهم، على عكس أرسطو، يماهون بين السعادة واللذة؛ فاللذة حالة إنسانية طبيعية، وهي لا تعدو أن تكون غياب الألم. والألم هو، ببساطة، إعاقة الحالة الطبيعية؛ ومن ثم فأن يلتمس المرء اللذة هو أن يلتمس العيش وفقا للطبيعة. والفضائل الأخلاقية ضرورية من أجل العيش وفقا للطبيعة ولكنها ليست مكونات لهذا العيش، إنها وسائل لغاية، والغاية هي اللذة. الخير إذن هو اللذة. والأبيقورية هي نظرية «هيدونية»
hedonistic
غير أنها تختلف عن اللذة الصاخبة التي أشيعت عن الأبيقورية بغير حق؛ فأغلب اللذات الجسدية يعقبها الألم (لذة الخمر مثلا يعقبها الخمار). أما لذات العقل فلنا عليها سيطرة أكبر. والحق أن أبيقور وجماعته كانوا يحيون حياة متقشفة، على عكس ما يظنه عنهم أغلب الناس! والقلق النفسي هو أشد أنواع الألم؛ لذا فإن الخلو من القلق هو أعظم اللذات. ومن هنا تأتي أهمية دراسة الطبيعة؛ إذ تساعدنا في نيل أعظم اللذات الخالصة؛ فالنظرية الذرية في الطبيعة تفيدنا في التخلص من أقسى ضروب القلق وهو الخوف من الموت، فحين يحل الموت تفقد ذرات النفس تماسكها مع الجسم وتتبعثر، وتظل باقية بوصفها ذرات ولكنها لا تعود قادرة على الإحساس؛ ومن ثم فإن الخوف من الموت يتنافى مع العقل لأن الموت ليس شيئا يمكننا أن نجربه.
5
فلا النفس ولا الإحساس ولا الوعي يدوم بعد الموت لأن الموت، ببساطة، هو تشتت الذرات التي نتكون منها.
6
وصفوة القول في الأخلاق الأبيقورية أن على المرء أن يسلك سبيل القصد والاعتدال لكي يبلغ حالة من التوازن الذي لا يعكر صفوه شيء، هذا التوازن هو أرفع اللذات جميعا؛ ومن ثم فهو الخير الأسمى عند الأبيقوريين الحقيقيين. (3) الرواقية
صفحة غير معروفة