12
وكان ثمة قيمة تعليمية في صراحتها غير المحددة، وهذا الكلام المكشوف كان بنفسه تحذيرا مفيدا من الغرور - ديوجينيس أيضا تبنى هذه السمة لهدف مماثل.
13
وبعد هذا انظر في طبيعة الكوميديا الوسيطة، والغرض من التبني اللاحق للكوميديا الجديدة، التي انحدرت بالتدريج إلى مجرد فن التقليد. صحيح أن هؤلاء الكتاب أيضا قالوا بعض الأشياء الجيدة، ولكن انظر إلى أية غاية انتهت الحركة بأكملها لهذا الصنف من الشعر والدراما؟ (11-7) من الجلي البين أنه ليس ثمة حالة حياتية أنسب لممارسة الفلسفة من هذه الحالة التي تمر بها الآن.
14 (11-8) الفرع الذي ينبت عن الفرع المجاور ينبت بالضرورة عن الشجرة كلها. كذلك الإنسان الذي ينفصل عن إنسان آخر، يكون قد سقط من المجتمع كله. وإذا كان فرع الشجرة ينقطع بفعل غيره فإن الإنسان يفصل نفسه بنفسه عن جاره، بسبب كراهيته هو ورفضه، غير مدرك أنه بذلك إنما فصل نفسه عن المجتمع الأوسع لرفاقه المواطنين. غير أن هناك هبة منحنا إياها زيوس الذي جمع المجتمعات؛ وهي أن بوسعنا أن نلتئم مرة أخرى بجارنا ونستعيد مكاننا في الكيان الكلي. غير أنه إذا تكرر ذلك مرارا فإن مثل هذا الانفصال يجعل من الصعب على من عزل نفسه أن يندمج مرة ثانية ويستعيد وضعه السابق. جملة القول أن الفرع الذي ينمو مع الشجرة منذ البداية ويشاركها حياتها ليس كالفرع الذي انفصل ثم أعيد وصله، إنما ينطبق عليه قول البستانيين: «إنه يشارك بقية الأفرع في الجذع ولكن لا يشاركها في العقل.»
15 (11-9) كما أن أولئك الذين يقفون في طريقك ليصدوك عن المضي في الطريق المستقيم لن يستطيعوا أن يصرفوك عن الفعل القويم؛ كذلك ينبغي عليك أن توازن بين الجانبين، فتكون ثابت الرأي والفعل من جهة ورفيقا من جهة أخرى بمن يضع العثرات في طريقك أو ينقم عليك تقدمك؛ فأن تسخط عليهم هو أيضا ضعف منك، مثله مثل أن تنحرف عن مسارك أو ترتدع عنه؛ فكلاهما بمثابة إهمال الواجب؛ أن ترعوي عنه أو أن تصطدم بعشيرتك ورفاقك في الطبيعة. (11-10) «ليست هناك طبيعة أدنى من الفن.»
16
فالفنون ما هي إلا محاكاة لطبيعة الأشياء. فإذا صح ذلك فإن تلك الطبيعة التي هي الأكمل والأشمل بين كل الطبائع لا يمكن أن تكون أقل شأنا من أي ابتكار فني. فإذا كانت الفنون جميعا تنتج الأدنى من أجل الأعلى، فإن هذا أيضا هو سبيل الطبيعة الكونية. والحق أنه ها هنا يكمن مصدر العدالة الذي تستمد منه بقية الفضائل وجودها؛ إذ لن يكون للعدالة أثر إذا نحن ركزنا اهتمامنا على الأشياء اللافارقة
indifferentia
أو إذا كنا سذجا لا نثبت على مبدأ.
صفحة غير معروفة