ثم عرج على زمن ترايانوس،
18
سترى أيضا الأشياء نفسها، والحياة انقضت أيضا.
وانظر كذلك في الأزمنة الأخرى، والأمم كلها في الحقيقة، وسترى حيوات كثيرة من الكدح تنتهي بسقوط سريع وتحلل إلى العناصر،
19
وأهم من كل شيء أن تستعرض في ذهنك أولئك الذين رأيتهم بنفسك في صراعات فارغة، لا يسلكون وفقا لفطرتهم الطبيعية ولا يتمسكون بها ولا يرضون عنها. وعليك في هذا المقام أن تأخذ كل شيء بقيمته وحجمه، فبذلك لن تبتئس إذا عبرت على التوافه ولم تعرها وقتا أطول مما تستحق. (4-33) الألفاظ التي كانت شائعة قديما هي الآن مهجورة، كذلك أيضا أسماء الذين كانوا مشاهير ذات يوم هي بمعنى ما مهجورة؛ كاميللوس، كايسو، فوليسوس، دينتاتوس، وبعدها بقليل سكيبيو وكاتو، ثم أوغسطس أيضا، ثم هادريان وأنطونينوس. كل الأشياء تتلاشى وسرعان ما تتحول إلى أسطورة سرعان أيضا ما يلفها النسيان. هذا بالنسبة للذين تألقوا على نحو مدهش. أما البقية فما يكادون يلفظون أنفاسهم الأخيرة حتى يختفون عن العين والفكر؛ فماذا تكون الذكرى الخالدة إذن؟ لا شيء؟
وإلى أين إذن ينبغي على المرء أن يسعى؟ إلى هنا فقط؛ فكر صائب وفعل للخير العام، وقول لا يعرف الكذب، وتقبل لكل ما يجري كشيء ضروري وعادي ونابع من مبدأ ومصدر من الصنف نفسه. (4-34) أسلم نفسك طواعية إلى كلوثو
Clotho ،
20
إحدى إلهات القدر، ودعها تغزل خيط عمرك على أي شكل شاءت. (4-35) الكل زائل، الذاكر والمذكور معا. (4-36) تأمل دائما كل ما يأتي به التغير، ورض نفسك على فكرة أن طبيعة «الكل» لا تولع بشيء قدر ولعها بتغيير كل شكل من الوجود إلى شكل آخر، شبيه ولكن جديد. كل ما يوجد هو بمعنى ما بذرة لما يأتي بعده؛ فإذا كان مفهوم «البذرة» عندك محصورا فيما يوضع في الأرض، أو في الرحم، فذاك لعمري تفكير مغرق في السوقية. (4-37) ستموت وشيكا وما زلت لا تتمتع بوضوح الفكر وصفاء النفس، ولم تتحرر بعد من الخوف من الأذى الخارجي، وما زلت غير ودود تجاه الجميع، وغير موقن بأن العدل هو ملاك الحكمة. (4-38) انظر إلى عقولهم الموجهة، حتى أولئك الذين يعدون حكماء، انظر أي الأشياء يجتنبونها ويفرقون منها، وأي الأشياء يلتمسونها ويسعون إليها. (4-39) لا أذى لك يقبع في عقل غيرك، ولا حتى في أي تبدل أو تغير لغطائك الجسدي، أين إذن يقبع الأذى؟ في ذلك الجزء منك الذي يضطلع بتكوين الأحكام عن الأذى. كف عن الحكم بأن بك إذن تكون قد سلمت منه.
صفحة غير معروفة