أو
asemos
فهي بمثابة الرشح الذي لا يكون فيه الجسم المتداخل في الآخر قابلا لأن ينفصل ولا أن يستحيل جسما آخر. وعلى هذا النحو ينتشر الجسم الفاعل خلال الجسم المنفعل، وينتشر العقل خلال المادة والنفس خلال البدن؛ فالأشياء لا يؤثر بعضها على بعض تأثيرا من بعد، بل إن شئت فقل إن كل جسم هو بوجه ما كامن في جميع الأجسام الأخرى، ماثل في العالم بأسره، والعالم كله حاضر في كل واحد.
20
يوجز ماركوس أوريليوس فكرة المداخلة في قوله: «... إن جميع الأشياء، رغم انفصالها وتمايزها، يتخلل بعضها بعضا ويستجيب بعضها لبعض» (التأملات: 4-27).
والطبيعة عند الرواقيين شيء واحد، وهي كائن حي مفكر عاقل، جسمه العالم ونفسه الإله المنبث في كل مكان (وحدة الوجود، بانتيزم). إنه اللوجوس أو العقل الأزلي أو النار المبدعة التي تشكل المادة وفقا لخطتها. وهذه الخطة يتم تنفيذها ويعاد مرة ومرات إلى غير نهاية (العود الأبدي)، بدءا من حالة النار الخلاقة التي تتولد منها العناصر الأخرى، إلى خلق العالم الذي نعرفه، ثم عودة إلى النار مرة ثانية (الاحتراق العام
ekpyrosis/conflagratio ) وهو احتراق هادئ غير عنيف، وملائم للطبيعة وموافق لنظام الكون؛ ولذا يسميه زينون وخريسبوس «تطهير العالم» أي إعادته إلى كمال حاله. وتشبه هذه النار الخلاقة بالجرثومة التي تحتوي مبادئ الأشياء جميعا وحكاياها التي سوف تجري لاحقا؛ ولذا يسمى الإله أيضا ب «القدر»، على أن نضع بالاعتبار أنه يدبر أمر الكون ويسيره «من داخله» وليس «من خارجه» كشأن الخالق في محاورة أفلاطون «طيماوس». ومذهب «العود الأبدي » يعني أن العالم الذي ينشأ عن «الاحتراق العام» مشابه لسابقه طبق الأصل، تعيش فيه نفس الشخوص ويشهد نفس الأحداث، ولا جديد تحت الشمس.
الإنسان:
والإنسان مكون من نفس وبدن، والنفس متصلة بالبدن، وهي من ثم جسم؛ إذ لا يمكن أن يتصل جسم إلا بجسم، وهي مبدأ حياة الإنسان ومبدأ حركاته وأفكاره. وإذا مات الإنسان فارقت النفس البدن، ولكنها تبقى بعد فنائه حتى يحترق العالم. والنفس مكونة من ثمانية أجزاء، أهمها ما يسمى «العقل المدبر أو المهيمن أو الموجه»
Hêgemonikon
صفحة غير معروفة