16 (11-16).
أراد الرواقيون أن يؤسسوا منطقا لا تتعارض فيه المعرفة الحسية مع المعرفة العقلية، فبحثوا عن «الحقيقة» في الأمور الوجودية الواقعية التي يشهدها الناس في تجارب حياتهم، ومن هنا أخذوا ب «المذهب الاسمي»
nominalism
ومؤداه أنه لا يوجد خارج الذهن إلا أفراد جزئيون وأشياء مفردة مشهودة محسوسة. أما «الأجناس» و«الأنواع» و«الصور» و«المثل» وغير ذلك من المعاني العامة أو «الكليات» فهي في الحقيقة مجرد «أسماء» ليس لها أي وجود خارج الذهن. إنها اختلافات عقلية، لا وجود لها خارج الأشياء (كمثل أفلاطون) ولا هي موجودة في الأشياء (كما هي عند أرسطو). إنها مجردات ذهنية قائمة في عالم الأذهان ولا يقابلها شيء في عالم الأعيان أو العالم الواقعي.
من هنا يصدر حرص الرواقيين في منطقهم على ألا يستعملوا إلا قضايا شخصية؛ أي ألفاظا تعبر عن وقائع وأحداث فردية. وهم بذلك يستبقون منطق جون ستيوارت مل، ويستبقون كذلك المنطق الجديد
logistic ، وبخاصة منطق رسل، بحرصه الدائم على التعبير عن الوقائع واعترافه بالعلاقة الوثيقة بين نشاط الفكر والوجود الواقع.
وقد صاغ الرواقيون نظرية القياس الشرطي والانفصالي
hypothetical and disjunctive syllogism
وهم أول من أدخل مصطلح «الانفصال» في المنطق، واكتشفوا علاقة منطقية مهمة تسمى في المصطلح الحديث بالتضمن (أو اللزوم) المادي.
17
صفحة غير معروفة