بيني وبين نفسي
نشرت في مستهل عام ١٩٣٧
نظرت من النافذة فإذا كل شيء أراه نائم، هذه النخلة التي تقوم حيال شبّاكي، وقبة الأعظمية التي تبدو من ورائها في عظمة وجلال، ودجلة التي تجري صامتة مهيبة، والقمر الذي يغسل ماءها بشُعاعه ... وإذا على الطريق شبح يسير منهوكًا.
على الطريق الذي لا يمتد في سهل ولا وعر، ولا يسير على سفح جبل ولا شاطئ بحر، ولا يسلك الصحراء ولا يخترق البساتين، ولكنه يلف السهل والوعر، والجبل والبحر، والصحراء والبساتين، وكل ما تحتويه ومن يكون فيها. على الطريق الطويل الذي يلوح كخط أبيض، يغيب أوله في ظلام الأزل ويختفي آخره في ضباب الأبد.
رأيت شبحًا يسير على طريق الزمان، وسمعت صائحًا بالدنيا النائمة: تيقّظي، إن العام يرحل الآن!
ففتحت النخلة عينيها ونظرت، فلما رأته قالت: قد رأيت «عشرات» مثله تأتي وتذهب فلم تبدل شيئًا؛ الفأس لا تزال باقية، وهذا الوحش البشري لا يزال ينتظر ثَمَري لِيَسْلُبَنيه، ثم إذا قنط
1 / 79