هذه هي الدنيا، ولكنّا غافلون عن حقيقتها، مطمئنون إليها، ظانّون أنها تدوم لنا.
ماذا بقي من بني أمية ومن المماليك إلا هذه الجدران القائمة وهذه القباب؟ وماذا بقي من بني عثمان إلا السراي؟ سلوا دَرَج السراي كم رأى من صاعدين ونازلين، ما استقر منهم أحد، لا ربّ القصر يخلد فيه ولا ساكن السجن، كلهم عابر سبيل (١).
واستغرقت في أفكاري، فلم أنتبه إلا وصوت المؤذن يَرِنّ في هذا السكون نقيًا صافيًا عذبًا، يقول: «الصلاة خير من النوم»، فقلت: صدق والله، ومن السهر ومن المال ومن المجد، لأنها هي التي تبقى، على حين تفنى الدنيا بما فيها من مسرّات وأحزان.
وقمت إلى الصلاة.
* * *
_________
(١) اقرؤوا أيضًا المقالة الوجيزة البليغة (وفيها العبرة لمن شاء أن يعتبر): «على دار الزعيم»، في كتاب «مقالات في كلمات» (مجاهد).
1 / 50