43

صور من حياة الصحابة

الناشر

دار الأدب الاسلامي

الإصدار

الأولى

وَاللَّهِ مَا جَاءَ إِلَّا لِشَرٍّ، لَقَدْ أَلَّبَ (١) الْمُشْرِكِينَ عَلَيْنَا فِي مَكّةَ، وَكَانَ عَيْناً(٢) لَهُمْ عَلَيْنَا قُبَيْلَ ((بَدْرٍ)) ...

ثُمَّ قَالَ لِجُلَسَائِهِ:

امْضُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكُونُوا حَوْلَهُ، وَاحْذَرُوا أَنْ يَغْدُرَ بِهِ هَذَا الخَبِيثُ المَاکِرُ.

ثُمَّ بَادَرَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ قَدْ جَاءَ مُتَوَشِّحاً سَيْفَهُ، وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا يُرِيدُ شَرًّا.

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (أَدْخِلْهُ عَلَيَّ).

فَأَقْبَلَ الفَارُوقُ عَلَى عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ وَأَخَذَ بِتَلَبِيبِهِ(٣)، وَطَوَّقَ عُنُقَهُ بِحِمَالَةِ(٤) سَيْفِهِ، وَمَضَى بِهِ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى هَذِهِ الحَالِ؛ قَالَ لِعُمَرَ:

(أَطْلِقْهُ يَا عُمَرُ)، فَأَطْلَقَهُ، ثُم قَالَ لَهُ: (اسْتَأْخِرْ عَنْهُ)، فَتَأَخَّرَ عَنْهُ، ثُمَّ تَوَجَّهَ الرَّسُولُ ﷺ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ وَقَالَ:

(ادْنُ يَا عُمَيْرُ)، فَدَنَا وَقَالَ: أَنْعِمْ صَبَاحاً [وَهِيَ تَحِيَّةُ العَرَبِ فِي الجَاهِلِيَّةِ].

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَقَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِتَحِيَّةٍ خَيْرٍ مِنْ تَحِيَّتِكَ يَا عُمَيْرُ ...

لَقَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِالسَّلَامِ، وَهُوَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الجَنَّةِ).

(١) أَلَّبَ: أثار.

(٢) عَيْناً: جاسوساً.

(٣) أَخَذَ بِتَلَبِيبِهِ: أَمْسَكَهُ مِنْ طَوْقِ ثَوْبِهِ مَسْكَةً مُمَكِّنَةً.

(٤) حِمَالَةِ السَّيْفِ: مَا يُعَلَّقُ بِهِ.

47