يَسْتَقْصِيَا أَمْرَهُ، وَأَنْ يَأْتِيَاهُ بِمَا يَقِفَانٍ عَلَيْهِ مِنْ مَعْلُومَاتٍ.
* * *
خَرَجَ الرَّجُلَانِ يُغِذَّانِ السَّيرَ (١) حَتَّى بَلَغَا (( الطَّائِفَ)) فَوَجَدَا رِجَالاً تُجَّاراً مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالُوا:
هُوَ فِي ((يَثْرِبَ)) ... ثُمَّ مَضَى التُّجَّارُ إِلَى مَكّةً فَرِحِينَ مُسْتَبْشِرِينَ، وَجْعَلُوا يُهَتِّفُونَ قُرَيْشاً وَيَقُولُونَ:
قَرُوا عَيْناً(٢)؛ فَإِنَّ ((كِسْرَى)) تَصَدَّى لِمُحَمَّدٍ وَكَفَاكُمْ شَرَّهُ.
أَمَّا الرَّجُلَانِ فَيَمَّمَا (٣) وَجْهَيهِمَا شَطْرَ (٤) المَدِينَةِ حَتَّى إِذَا بَلَغَاهَا لَقِيَا النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ، وَدَفَعَا إِلَيْهِ رِسَالَةَ ((بَاذَانَ)) وَقَالَا لَهُ:
إِنَّ مَلِكَ المُلُوكِ ((كِسْرَى)) كَتَبَ إِلَى مَلِكِنَا ((بَاذَانَ)) أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكَ مَنْ يَأْتِيهِ بِكَ ... وَقَد أَتَيْنَاكَ لِنَنْطَلِقَ مَعَنَا إِلَيْهِ، فَإِنْ أَجَبْتَنَا كَلَّمْنَا ((كِسْرَى)) بِمَا يَنْفَعُكَ وَيَكُفُّ أَذَاهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ؛ فَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ سَطْوَتَهُ(٥) وَبَطْشَهُ وَقُدْرَتَهُ عَلَى إِهْلَاكِكَ وَإِهْلَاكِ قَوْمِكَ.
فَتَبَسَّمَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَ لَهُمَا:
(ارْجِعَا إِلَى رِحَالِكُمَا الْيَوْمَ وَأْتِيَا غَداً).
فَلَمَّا غَدَوَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، قَالَا لَهُ: هَلْ أَعْدَدْتَ نَفْسَكَ لِلْمُضِيِّ مَعَنَا إِلَى لِقَاءِ ((كِسْرَى))؟.
فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
(١) يُغِذَّانِ السَّيْرَ: يواصلانه بسرعة.
(٢) قَرُوا عَيْناً: أي افرحوا واستبشروا.
(٣) يَمَّمَا وَجْهَيْهِمَا: قَصَدَاهُ.
(٤) شَطْرَ: ناحية.
(٥) سَطْوَتَهُ: قُوَّتَهُ وَبَأْسَهُ.
39