قَدْ كُنْتَ فِينَا - وَاللَّهِ - قَبْلَ أَنْ تَدْعُوَ إِلَى مَا دَعَوْتَ إِلَيْهِ وَأَنْتَ أَصْدَقْنَا حَدِيثاً وَأَبَرَّنَا بِرَّا ...
ثُمَّ بَسَطَ يَدَهُ وَقَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي خَيْرَ شَيْءٍ أَقُولُهُ.
فَقَالَ: (تَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ).
فَقَالَ عِكْرِمَةُ: ثُمَّ مَاذَا؟.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم : (تَقُولُ: أَشْهِدُ اللَّهَ، وَأَشْهِدُ مَنْ حَضَرَ أَنِّي مُسْلِمٌ مُجَاهِدٌ مُهَاجِرٌ) ... فَقَالَ عِكْرِمَةُ ذَلِكَ.
عِنْدَ هَذَا قَالَ لَهُ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: (الْيَوْمَ لَا تَسْأَلْنِي شَيْئًا أُعْطِيهِ أَحَداً إِلَّا أَعْطَيْتُكَ إِيَّاهُ)، فَقَالَ عِكْرِمَةُ:
إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي كُلِّ عَدَاوَةٍ عَادَيْتُكَهَا، أَوْ مَسِيرٍ أَوْضَعْتُ فِيهِ، أَوْ مَقَامٍ لَقِيتُكَ فِيهِ، أَوْ كَلَامٍ قُلْتُهُ فِي وَجْهِكَ أَوْ غَيْبَتِكَ.
فَقَالَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ كُلَّ عَدَاوَةٍ عَادَانِيهَا، وَكُلَّ مَسِيرٍ سَارَ فِيهِ إِلَى مَوْضِعٍ يُرِيدُ بِهِ إِطْفَاءَ نُورِكَ، وَاغْفِرْ لَهُ مَا نَالَ مِنْ عِرْضِي فِي وَجْهِهِ أَوْ أَنَا غَائِبٌ عَنْهُ).
فَتَهَلَّلَ وَجْهُ عِكْرِمَةَ بُشْراً وَقَالَ:
أَمَا وَاللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَدَعُ نَفَقَةً أَنْفَقْتُهَا فِي صَدٍّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَنْفَقْتُ ضِعْفَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا قِتَالاً قَاتَلْتُهُ صَدَّا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا قَاتَلْتُ ضِعْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
124