سرور النفس بمدارك الحواس الخمس
محقق
إحسان عباس
الناشر
المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بناية برج الكارلتون - ساقية الجنزير ت: 312156 - 319586 - برقيا موكيالي - بيروت ص. ب: 11/ 5460 بيروت-لبنان
رقم الإصدار
1، 1980
ينهض بمؤنة العيال ويقضي الدين، ويبنى من غلاته وأثمان رقابه الدور الجياد، ويبتاع الحوانيت المغلة، وهو في ذلك ملهى عجيب ومعتبر لمن تذكر.
وللحمام (1) حسن الاهتداء وجودة الاستدلال، وثبات الحفظ والذكر، وقوة النزاع إلى أربابه والإلف لوطنه، وكفاك اهتداء ونزاعا أن يكون طائر من بهائم الطير يجيء من خرشنة ومن لؤلؤة - وهما بدرب الروم - إلى بغداد والبصرة. ثم الدليل على أنه إنما يستدل بالعقل والمعرفة والعتاقة (2) أنه إنما يجيء كل من الغاية بالتدريج والتدريب. على ترتيب. والدليل على علم أربابه بأن تلك المقدمات قد نجعن فيه وعطر في طباعه أنه إذا بلغ الرقة غمروا به. فطير إلى الدرب وما فوق الدرب من بلاد الروم، ولو كان الحمام مما يرسل بالليل لكان مما يستدل بالنجوم، لأنا رأيناه يلزم بطن الفرات أو بطن دجلة أو بطن الأودية التي قد مر بها وهو يرى ويبصر ويفهم انحدار الماء، ويعلم بعد طول الجولان إذا هو أشرف على الفرات أو دجلة أن طريقه وطريق الماء واحد، وأنه ينبغي أن ينحدر معه، وما أكثر ما يستدل بالجواد من الطرق إذا أعيته بطون الأودية، فإن لم يدر أمصعد هو أو منحدر (3) تعرف ذلك بالريح ومواضع قرص الشمس في السماء، وإنما يحتاج إلى ذلك كله إذا لم يكن وقع بعد على رسم يعمل عليه، وربما (4) كر حين يزجل شمالا وجنوبا وصبا ودبورا الفراسخ الكثيرة وفوق الكثيرة.
وللحمام (5) نسب اشتملت عليه دواوين أصحاب الحمام أكثرمن كتب الأنساب التي تضاف إلى الكلبي وغيره من النسابة.
وقال صاحب الحمام (6) : ليس في الأرض جنس تعتريه الأوضاح والشيات ويكون فيها المصمت والبهيم أكثر ألوانا وأصناف تحاسين مما تكون في الحمام، فمنها أخضر مصمت وأسود مصمت وأحمر مصمت وأبيض مصمت وضروب كلها مصمتة الألوان، إلا أن الهداية للخضر والنمر فإذا ابيض الحمام كالفقيع فمثله الناس الصقالبة، فإن الصقلبي فطير خام لم تنضجه الأرحام، لأنها كانت في البلاد التي شمسها أضعف من غيرها وإذا اسود الحمام فإنما ذلك احتراق ومجاوزة لحد
صفحة ١١٢