التوسل في كتاب الله عز وجل
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
١٢٤ - ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م.
تصانيف
وأيضا فإن ذلك الرئيس إنما يقبل شفاعة الشافع رجاءً أو خوفًا، تعالى الله ﷿ عن ذلك علوا كبيرًا.
وهذا العظيم يحتاج إلى من يرقق قلبه، ويسترحمه لينظر في أمور هؤلاء المحتاجين، والله ﷿ هو أرحم الراحمين، بل هو أشد رحمة بالعبد من أمه وأبيه، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن يصيبه” ١، وروى مسلم في صحيحه من حديث سلمان ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ “إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة” ٢، والله جل وعلا عند ما أرشد إلى دعائه لم يجعل بيننا وبينه وسائط ووسائل من الخلق في ذلك ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ ٣ ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ ٤.
هذا وإن ما يقوله بعض مدعي الإسلام اليوم ممن يقع في عبادة القبور هو ما قاله بالأمس كفار قريش ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي
_________
١ صحيح البخاري ٨/١٨.
٢ صحيح مسلم ٨/٩٦.
٣ البقرة: ١٨٦
٤ غافر: ٦٠
1 / 16