التوسل في كتاب الله عز وجل
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
١٢٤ - ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م.
تصانيف
تمهيد
موضوع التوسل من أهم المواضيع، بل هو من أعظمها خطرًا، وهو من الأمور التي يخطئ فيها كثير من الناس، وذلك لعدم معرفتهم سبل التوسل الصحيحة المشروعة، وكل ذلك ناشئ عن فهم خاطئ لحقيقة التوسل، أو تصور غير صحيح، أو تقليد أعمى.
والمتدبر لكتاب الله ﷿ يجد أن الكتاب الكريم قد أبان في مواضع كثيرة منه السبل المشروعة في التوسل إلى الله جل وعلا، وهذه السبل هي التوسل إلى الله جل وعلا بالإيمان الصادق الصحيح، والتوسل إلى الله ﵎ بما شرع من أعمال صالحة، والتوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، والتوسل إلى الله تعالى بفضله ورحمته وإحسانه، والتوسل إلى الله ﷿ بدعاء الصالحين الأحياء من عباده.
هذا ومن المعلوم أن كثيرًا من عباد القبور اليوم، والمستغيثين بالأولياء والصالحين، إنما كان سبب انحرافهم هذا هو تعظيمهم للصالحين، تعظيمًا بلغ حدّ الغلو، وإذا ما نوقش أحدهم ونهي عما يقع منه من شرك يقول: إنه لا يعبد هذا الصالح وإنما يتوسل به إلى الله تعالى، وربما يضرب لك مثلًا فيقول: إنك عند ما تريد أمرًا ما من ملك أو رئيس فإنك تتوسل إليه وتستشفع بمقرّب عنده؛ فيشبه هذا المسكين الخالق جل وعلا بالمخلوق؛ وما علم المسكين أن عظماء الدنيا يحتاجون إلى شفعاء لأمور:
منها: أن ذلك العظيم لا يعلم حال الناس، ولا يطلع على حوائجهم، فيحتاج إلى من يبلغه ذلك عنهم، وهل الرب جل وعلا الذي أحاط علمه بكل شيء يحتاج إلى من يخبره عن خلقه؟ ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ ١.
_________
١ سورة الملك: ١٤.
1 / 15