فأغضيت عن هذه الملاحظة، وسألتها: «وماذا تنوين أن تصنعي هناك هذا العام؟»
قالت: «يا له من سؤال! وكيف يعنيك أن تعرف؟»
وضحكت فجلت ضحكتها صدري ونفت مخاوفي ونظرت إليها معجبا، وأحسست بالدم يتدفق في عروقي، وبأنفاسي تسرع، وحمل إلي النسيم الواني طيب شعرها فمددت يدي إلى كفها، وكانت شفتاها مفترقتين وعيناها في عيني، وصدرها يكاد يلمسني، فألفيت نفسي أنحني عليها وألمس شفتيها بفمي، فصار وجهها كالجمرة، ولكنها لم تتحرك ولا تكلمت، ودار رأسي كالمخمور فتقهقرت خطوة، وهي واقفة كالتمثال، وما أظنها كانت تتنفس أو تفكر، فما رأيت صدرها يتحرك أو أجفانها تختلج: كلا لا شيء إلا هذا الجمر في خديها ينبئ أنها حية.
وأفاقت ثم أصعدت زفرة كأنما كنت لطمتها ولم أقبلها، ثم هتفت بي، فأسرعت وأخذت يديها في كفي، ثم رفعتهما وقبلتهما وقلت لها: «أغاضبة أنت؟ قولي إنك لست غاضبة.»
فأجابتني بهزة خفيفة لرأسها، فقلت: «لست غاضبة. أعلم ذلك، وإلا فما قبلتك، تكلمي.»
فقالت همسا: «دعني أذهب إني خائفة.»
فقلت: «إنك جميلة. جميلة»، وانهلت على يديها مرة أخرى ألثمهما ظهرا وبطنا ثم سحبت يديها ببطء، ووضعتهما على صدرها وقالت وهي تتلعثم وترتجف: «قل لي ما هذا؟»
قلت، ووضعت يدي على يديها فوق صدرها: «هذا! ألا تعلمين؟ إنه الحب؟»
فتنهدت، وأرخت يديها وتركتهما تهويان وقالت: «سأذكرك دائما.»
قلت: «كلا هذا لا يكفي. سيحبك غيري.»
صفحة غير معروفة