قلت: «كنت أزورهم.»
قال: «تزورهم؟ هيه؟ تزورهم سأعلمك أن تزورهم مرة أخرى.»
ودفعني في صدري فانطرحت على الأرض، وقمت ألعنه وأسبه، وأقبل علي ودق رأسي بجميع يده فهويت إلى الأرض على ركبتي، وركلني برجله، وذهب وهو يتوعدني إذا فكرت في العودة إلى هذا الطريق.
ولم أكن أعرف هذا الوحش ولا وقعت عيني عليه من قبل، ولم أفهم - إلى هذه الساعة - سر هذا العدوان. فرجعت إلى البيت بصدر موجع ورأس يكاد يكون مهشما وعظام مرضوضة.
ولزمت الفراش أياما وخفت بعدها أن أرجع، ثم صرت أستحي أن ألقاها مخافة أن تسألني عن سر غيبتي، أو أن تكون قد علمت به.
وبعد شهور عدت من المدرسة يوما فإذا هي ووالدتها في بيتنا ففرحت وخجلت، ولما سلمت كانت يدي ترتجف، وعيني إلى الأرض، وذهبت إلى غرفتي فأدركتني في الصالة وقالت: «خذ»، وناولتني عودا من ثمر الحناء فأخذته في صمت وأدنيته من أنفي، ووقفت أشمه وأشمه وقد غاض معين الكلام وانقطع عني مدده. فلما رأت صمتي وارتباكي قالت: «سنذهب إلى الريف.»
فأنطقتني هذه المباغتة وقلت: ستذهبين؟ وكم تظلين هناك؟
قالت: «عاما. أتستكثر ذلك؟»
قلت: «بالطبع، إني آسف جدا.»
قالت: «ولكنك لا تزال تهرب مني.»
صفحة غير معروفة