============================================================
لوكان يقال : الشره شدة ، ينتجها طبع ويهيجها طمع .
قيل : فلما طمحت نفس أنوشروان إلى تملك تاك الأرض، سأل عن ملكها، فأخبر بأنه عظيم من أراكنة الهند(1)، وأنه شاب منقاد لشهوته ، مقبل على لذاته، الا أنه سالك صراطا من العدل لايجور، ومالك منهلا من البذل لا يغور إلى رافة برعيته قد اشربت قلوبهم وده ، وركنت آمالهم إلى ما عنده .
فنب له كسرى من تقات أصحابه، قد اقتبس ابا من آداب الملوك، وتفقه فى سياساتهم وكان ذا دهاء وفكر، وحزامة ومكر، فأمره بتامل مسالك تلك الأرض والبحث عن ثغورها ومعاقلها، وتطلب عورتها وتفقد اخلاق ملكها ال وأهطها، وكتب معه كتابا الى ذلك الأركن يدعوه فيه الى الدخول فى طاعته، ويذره التعرض لصولته بمخالفته .
فانطلق ذاك الرسول حتى قدم على الأركن، فأحسن منزله وبالغ فى بره ال وتكرمته ، وعمى عليه الأخبار وبالغ فى قبضه عن التصرف وفى قبض الناس عن لقائه واحتجب عنه، ولم يستدع الكتاب منه، وندب لاختباره وعلم ما قصد له رجلا من دهاة أصحابه ، فأمره بالتجسس على أنبائه واللطف فى مداخلته ال ومخاتلته(2). فانطلق ذلك الجاسوس فاكترى حانوتا(2) بازاء دار الرسول، الاوملاه فخارا وجلس فيه ليبيع ذلك الفخار.
اوكان للرسول غلام يخف فى حوائجه ويتصرف فى ماريه، فجعل الجاسوس إذا رأى ذلك الغلام هش له واكرمه وساله عما له من حاجة، إلى أن اس به الغلام فكان يجلس إليه ويستعين به على آمره، فلبث بذلك مدة لا يسأله عن شىء من أمر سيده، فلما تاكد أنس الغلام به قال له يوما : من تكون ؟
الومن لك فى هذه الدار التى تدخلها؟.
فقال له الغلام : صحبتى منذ كذا وكذا ولا تعرفنى ؟ ، فقال الجاسوس : وما علمى؟.
(1) أى ملوك الهد.
(2) أى مخادعته.
(3) أى استاجر محلا بجاتبه .
صفحة ٨٢