( والمعانى المحتاج إلى معرفتها قبل ذكر ما نحن ذاكروه أربعة وهي) : {المعنى المسمى خيرا) : هو الأمر المرغوب فيه لذاته . ({المعنى المسمى شرا) : هو الأمر المرغوب عنه لذاته . { المعنى المسمى نافعا) : هو السبب المؤدي إلى الخخير . {المعنى المسمى ضارا) : هوالسبب المؤدي إلى الشر. ونقول : إنه مهما اختلف الفلاسفة الأقدمون المشهورون فيما اختلفوا فيه من أمر النفس ، فلم يختلفوا أن لها قوى ثلاثا من فكرة ، وشهوة ، وغضب ، بل كلهم متفقون على ذلك ، والحق أنه ليس الأمر الذي يصدر عنها واحدا فليست تفعل ذلك بقوة واحدة، بل بقوى ثلاث مختلفة : تفكر بواحدة، وتشتهى بأخرى ، وتغضب بأدنى .
والمثال في ذلك أن نقول في العين : إنها تبصر من غير أن يكون كلها الذي بيصر بل ناظرها وحده ، ونقول : إن ناظر العين ييصر من غير أن يكون كله الذي ييصر بل الانسان الذي فيه ، فكذلك : إنه ليست النفس بجملتها تشتهي وتفكر وتغضب بل قوى منها معروفة ، تتفرد كل واحدة بواحدة وهي :
(القوة الفكرية)
وهى العاقلة الفكرية ومساكنها الدماغ وأحد قواها الفهم الفارق بين الحق والباطل ، والأدب يحركها نحو أفعالها الصالحة وغرضها الحق وبها يكون الفكر ويختص بها الانسان : {فإن اعتدلت}) : فصاحبها يوصف بجودة العقل وصحة الفكر والتميز . {وإن خرجت عن الاعتدال فإما إلى : الزيادة) : فإنه يوصف بالمكر والخبث . {أو النقصان) : فإنه يوصف بالبلادة و العى .
(القوة الغضبية)
وهي الحيوانية السبعية (1) ومسكنها القلب ويشارك الإنسان بها الحيوان ، واحد قواها حب الغلبة والرئاسة ، وبها يدفع ما لا يوافق بدنه ونفسه : { فإن اعتدلت) : فصاحبها يوصف بالشجاعة والفروسية وقوة القلب .
صفحة ٤٨