السلوك في طبقات العلماء والملوك
محقق
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
رقم الإصدار
الثانية
قدم على الْمَأْمُون كتاب من عَامله بِالْيمن وَذَلِكَ سنة اثْنَتَيْنِ ومئتين يُخبرهُ بِخُرُوج الأشاعر وعك فِي تهَامَة فَقَالَ الْمَأْمُون لوزيره الْفضل بن سهل انْظُر لنا من نوجه إِلَى الْيمن يسد خللها فَأثْنى على ثَلَاثَة رجال قد وشي إِلَيْهِ بهم وهم بِقَتْلِهِم ثمَّ عَفا عَنْهُم
وَبَيَان ذَلِك أَنهم لما حَضَرُوا مَجْلِسه بتاريخ سنة تسع وَتِسْعين ومئة استخبر كلا عَن اسْمه وَنسبه فانتسب أحدهم إِلَى عبيد الله بن زِيَاد بن أَبِيه وَالْآخر إِلَى سُلَيْمَان بن هِشَام بن عبد الْملك وَالثَّالِث إِلَى تغلب وَقَالَ اسْمِي مُحَمَّد بن هَارُون فَبكى الْمَأْمُون وَقَالَ وأنى لي بِمُحَمد بن هَارُون يَعْنِي أَخَاهُ الْأمين وَقَالَ للمنتسب إِلَى سُلَيْمَان بن هِشَام بن عبد الْملك يَا هَذَا إِن عبد الله بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس ضرب عنق سُلَيْمَان وأعناق ولديه فِي سَاعَة وَاحِدَة فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا من ولد سُلَيْمَان كَانَ جدي صَغِيرا يَوْمئِذٍ لم يدْرك وَمنا قوم فِي أفناء النَّاس بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ الْمَأْمُون يقتل الأمويان ويعفى عَن التغلبي برا لاسمه وَاسم أَبِيه فَقَالَ ابْن زِيَاد مَا أكذب النَّاس يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ لَهُ وَكَيف ذَلِك قَالَ يَزْعمُونَ أَنَّك حَلِيم كثير الْعَفو متورع عَن سفك الدِّمَاء فَإِن كنت تَقْتُلنَا على ذنوبنا فَلم نخرج لَك عَن طَاعَة وَلم نفارق عَن بيعتك رَأْي الْجَمَاعَة وَإِن كنت تَقْتُلنَا على جنايات بني أُميَّة فِيكُم فَالله تَعَالَى يَقُول ﴿وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى﴾ فَاسْتحْسن الْمَأْمُون كَلَامه وَعَفا عَنْهُم جَمِيعًا وَأمر وزيره بضمهم إِلَيْهِ حَتَّى يطلبهم مِنْهُ
فَلَمَّا ورد كتاب عَامل الْيمن الْمُقدم ذكره فَأمر الْمَأْمُون وزيره بِمَا قدمنَا من
1 / 192