فعبد الله بن أبي من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن صحبته ليست صحبة شرعية، وإنما الصحبة وعممها في مرجعها مطلق اللغة للاشتراك في مجرد التصاحب، حتى لو لم يكن هناك إيمان واتباع، وهكذا فالصحبة من حيث اللغة واسعة جدا، مع أن اللغة عمدة من أثبت صحبة (كل من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو رآه من المسلمين).
ولكنهم تناقضوا فأخرجوا المنافقين والكفار من الصحبة بالشرع لا باللغة فتأمل! مع أن اللغة لا تخرجهم؛ لأنه يجوز لغة أن أقول صحبت فلانا الكافر من بلدة كذا إلى بلدة كذا، وصحبت فلانا المنافق وصحبت فلانا اليهودي وهكذا، ولكن هؤلاء أخرجوا صحبة الكافر والمنافق واليهودي من صحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم يريدون الصحبة المستحقة للمدح (الصحبة الشرعية) وإن لم يتلفظوا بهذا المصطلح.
وإذا كان الشرع لا اللغة هو الذي يحدد معنى الصحبة فلماذا ننكر على جمهور الأصوليين (الفقهاء) إخراجهم صحبة بعض من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين بالشرع أيضا؟ خصوصا أن أدلة هؤلاء الأصوليين أقوى وأصرح.
فإن كان المتوسعون في الصحبة محتجين باللغة فاللغة أيضا تدخل الكفار والمنافقين وغير المعاصرين في الصحبة، وإن كانوا محتجين بالشرع في إخراج هؤلاء فغيرهم يحتج بالشرع في إخراج أناس آخرين أيضا، فتبين أن احتجاجهم باللغة فقط قد أوقعهم في التحكم والتناقض مع حرج شديد كما سبق من أنه يلزم من الاقتصار على اللغة إدخال غير المسلمين في الصحبة فضلا عن المتسمين بالإسلام، فاللغة تحتمل كل هذا فيلزمهم - من حيث اللغة- إدخال هؤلاء في صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا ما لا يقرون به.
فإن قالوا: لكننا نخرج المنافقين والكفار بالشرع.
صفحة ١٨