فأما ضروب تهجين الكلام من الحرف اللاحق فذلك من العرض لأن اللاحق أبدا بالكلام عارض. وفرق ما بين العارض فى الكلام واللاحق — وإن كان عرضا — أن العرض يمكن أن يوجد فى واحد فقط (كقولك إن الأشقر والعسل بحال واحدة، لأن العسل بعينه هو عسل وأشقر، وأبيض والثلج هو ثلج وهو أبيض)، فأما اللاحق أبدا فإنما يكون من الأكثر. ومن أجل ذلك يتولد التبكيت من اللاحق بالكلام، إلا أنه ليس بصادق من كل جهة إن هو كان كالعرض، لأن الثلج والاسفيداج إنما صارا بحال واحدة بياضهما، أو كالذى قال مالسس الحكيم أيضا فإنه تأول الآنية والكون بحال واحدة فزعم أن لهما ابتداءا، كقولك إن المساوى بحال واحدة من قدر أجسامهما. وذلك أن مالسس أثبت أن ما قد كان كانت له أولية؛ وما كانت له أولية فقد كان، وكلاهما بحال واحدة، لأن لهما أولية ونهاية. وكذلك ما كان مساويا فقدر جسمه بحال واحدة، وما كان جسمه بحال واحدة فذاك مساو. من أجل ذلك عمد مالسس إلى أخذ اللاحق بالكلام فصيره مقدمة. — فلما كان التهجين الكائن من العارض فى الكلام لا يتكون إلا من قلة المعرفة بالتهجين، وكان اللاحق فى الكلام من باب العرض، وجب أن تكون ضروب التهجين من اللاحق مثلها. وسنتقصى النظر فى ذلك من جهة أخرى.
صفحة ٨٠٤