وتقيم الأسماء مقامها فى أقاويلنا كالدلائل عليها. وقد يظن أن الذى يعرض للأسماء يعرض مثله للامور كما يخلق الحساب فى الحسابات، غير أن هذا ليس بشبه. ولأن الأسماء وأكثر الكلم محدودة، والمسميات غير متناهية العدة، فمن الاضطرر أن تكون الكلمة والاسم الواحد بعينه يدل دلالة واحدة على كثيرين. وكما أن هناك أيضا من لم يكن بعمل الحساب ماهرا قد يغلط ويغالطه العارفون بذلك، فمثل هذه الضلالة بعينها تعرض فى الألفاظ للذين لا خبرة لهم بما تدل عليه الأسماء: متكلمين كانوا أو مستمعين. فلهذا السبب ولأسباب أخر سنذكرها يكون القياس موجودا. وأما ما يظن تبكيتا فغير موجود. ولأن بعض الناس يؤثر من قبل التعلم أن يظن حكيما أكثر من إيثاره أن يكون كذلك ولا يعتقد هذا فيه — ما تكون المغالطة حكمة مظنونة، لكنها غير موجودة. والسوفسطائى وهو الذى له لقب من حكمة تظن موجودة وليست كذلك. ومن البين أن هؤلاء من الاضطرار يؤثرون الظن بهم أن فعلهم فعل الحكماء أكثر من إيثارهم أن يفعلوا فعلهم فلا يظن ذلك بهم. وفعل الحكيم هو أنه إذا حمل شيئا على شىء نحو: كل مخاطب أن يكون بما له من المعرفة يعلم أنه لم يكذب ويمكنه إظهار كذب الكاذب. وهذان الأمران يكون أحدهما بالاقتدار على بادئة القول والآخر فى استماعه. فيجب إذن على الذين يريدون فعل المغالطة أن يلتمسوا جنس الألفاظ المذكورة؛ وذلك أن هذا متقدم للفعل، لأن بمثل هذه القوة يصيرون متى شاؤا إلى أن يظن بهم أنهم حكماء وليس هم كذلك. فأما هل يوجد جنس ما للالفاظ يجرى هذا المجرى وينسبه نسبا إلى مثل هذه القوة القوم الذين نسميهم المغالطين، فذلك ظاهر. ونحن منذ الآن آخذون فى أن نبين كم أنواع الألفاظ السوفسطائية، وكم مبلغ عدد الأشياء التى عنها تقومت هذه القوة، وكم عدد أجزاء هذه الصناعة، ونبين مع ذلك أشياء أخر بها كمال هذه الصناعة.
[chapter 2: 2] 〈أنواع الحجج فى المناقشة〉
وأجناس الألفاظ التى تجرى فى المفاوضة أربعة: البرهانية، والجدلية، والامتحانية، والمرائية.
صفحة ٧٤٦