فأما فى بعض الأمور فليس يسهل الوقوف على أنها كثيرة، ويمتنع من الإجابة عنها. مثال ذلك: هل الأرض هى البحر أم السماء؟ وهذا فى بعض الأشياء أقل وكأنها أمر واحد، فإما اعترفوا بأنهم لا يجيبون عما عنه كانت المسئلة، وإما أن يظهر أنهم قد بكتوا — مثال ذلك: أترى هذا وهذا هما إنسان — فإذا إن ضرب ضارب هذا وهذا فقد ضرب الإنسان، إلا أنه لم يضرب الناس. وأيضا بعض هذه الأشياء هى خيرات وبعضها ليست خيرات، فما حال جميعها: أخيرات هى أم ليست خيرات؟ فبأى شىء أجاب من هذين فإنه يكون أحيانا كالمبكت وكالذى يظن أنه قد أظهر كذبا. وذلك أنا إن قلنا فى شىء من هذه التى ليست خيرات إنه خير، أو فى شىء من الخيرات إنه ليس بخير، هو كذب، فإن كان قد أخذ زيادة ما، فإن التبكيت يكون صحيحا — مثال ذلك أنه إن سلم الإنسان أن القول فى الواحد وفى الكثيرين إنهم بيض فإنهم عراة، وإنهم عمى يكون على مثال واحد بعينه. فإن كان الأعمى هو الذى لا بصر له فى الوقت الذى من شأنه أن يوجد له، فإن العمى يكونون الذين لا بصر لهم فى الوقت الذى من شأنه أن يوجد لهم. فإن كان موجودا لبعضهم وغير موجود لبعضهم، فإن القسمين جميعا يلزم أن يكونا مبصرين أو عميا، وهذا غير ممكن.
صفحة ٧٩١