فأما المواضع التى تكون العلة ما ليس بعلة فتكون إذا أضيف إلى ما يؤخذ ما ليس بعلة — وقد يعرض مثل ذلك فى القياسات السائقة إلى المحال. وذلك أنا قد نضطر فى هذه إلى رفع شىء من التى وضعت؛ فإن كان واحدا وعدد فى جملة ما يسأل عنه من الاضطرار فى لزوم ما يعرض. وكثيرا ما لا يمكن أن يظن التبكيت يكون من هذا — مثال ذلك أن النفس والحياة ليستا شيئا واحدا بعينه، وذلك أن الكون إن كان مضادا للفساد ففساد ما يضاده كون ما، والموت هو فساد ما، وهو مضاد للحياة، فالحياة إذن كون، والذى يحيا يتكون، وذلك غير ممكن، فليس النفس والحياة شيئا واحدا بعينه، ولا يكون عن ذلك قياس. وقد يعرض أيضا محال وإن لم يقل قائل إن النفس والحياة هما شىء واحد بعينه، بل قال إن المضاد للحياة هو الموت الذى هو فساد فقط، وأن الكون مضاد للفساد. فأما هذه المقدمات فليست مما لا تأليف فيه على الإطلاق، لكن تأليفها ليس هو نحو الأمر الذى تقدم وضعه، ولذلك تضل السائلين هذه الأشياء مرارا كثيرا ضلالة ليست باليسيرة.
فالأقاويل التى تكون من اللوازم ومن التى توضع فيها علة ما ليس بعلة هى أمثال هذه. — فأما التى تكون من تصيير السؤالين شؤالا واحدا فإنما تضل إذا كانت المسائل كثيرة فأجيب عنها كأنها سؤال واحد.
صفحة ٧٨٦