وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
مقالة عبد الله بن سلول - رأس المنافقين - وما أنزل فيه من القرآن
في غزوة (بني المصطلق) ضرب رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار برجله، فنادى الأنصاريّ: يا للأنصار! ونادى المهاجريُّ: يا للمهاجرين! وكانت الأنصار يومها أكثر من المهاجرين، فنهاهم رسول الله - ﷺ - عن دعوى الجاهلية، فسمع بذلك عبد الله بن أبيّ بن سلول، فقال: " فَعَلُوها؟ " وهو استفهام ولكن حذفت الأداة، وقد خرج الاستفهام إلى معنى الأمر، فالمراد: افْعَلوها، أي الأَثَرَة، وعدم الإنفاق على من عند رسول الله - ﷺ ـ، ثمّ أقسم إذا رجع من هذه الغزوة وعاد إلى المدينة أن يخرج الأعزّ منها الأذلَّ، وعنى بالأعز نفسه وأتباعه، وبالأذلّ رسول الله - ﷺ - ومن معه، فسمعه زيد بن أرقم ﵁ فأخبر بذلك رسول الله - ﷺ - وبلغ ذلك ابنَ سلول فحلف أنّه ما قال وكذّب زيدًا، فنزل قول الله تعالى: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨)﴾ [المنافقون].
أخرج البخاري عن جابر بن عبد الله ﵄ قال: " كنّا في غَزاة، فَكسَعَ رجلٌ من المهاجرين، رجلًا من الأنصار، فقال الأنصاريّ: يا للأنصارُ! وقال المهاجريّ: يا للمُهاجرين! فسمع ذاك رسول الله - ﷺ - فقال: ما بالُ دعوى جاهليّةٍ؟! قالوا: يا رسول الله، كَسَعَ رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال: دعوها فإنها مُنْتنةٌ. فسمع بذلك عبد الله بن أبيّ، فقال: فَعَلُوها؟ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فبلغ النَّبيَّ - ﷺ - فقام عُمَرُ، فقال: يا رسولَ الله، دعني أضرب عُنُقَ هذا المنافق، فقال النَّبيُّ - ﷺ ـ: دعْهُ لا يتحدّثُ النّاسُ أنّ محمّدا يقتُلُ أصحابه " (^١).
وأخرج عن زيد بن أرقم ﵁، قال: " لما قال عبد الله بن أبيّ: لا تنفقوا
_________
(^١) البخاري "صحيح البخاري " (م ٣/ ج ٦/ ص ٦٦) كتاب تفسير القرآن.
1 / 53