وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
قال للنَّبيِّ - ﷺ ـ: " ما أغنيت عن عمّك، فوالله كان يحوطك ويغضب لك؟! قال: هو في ضحضاح من النّار، ولولا أنا لكان في الدّرك الأسفل من النّار " (^١).
ونزل في حرص النَّبيِّ - ﷺ - على إيمان عمّه قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ هدايته ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦)﴾ [القصص].
والهداية المنفيّة في الآية الكريمة هي هداية التّوفيق، فلا أحد يملكها إلاّ الله؛ وإلاّ لهدى نوح ﵇ ابنه، وهدى إبراهيم ﵇ أباه ... ولا تعارض بين الآية وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)﴾ [الشورى]، إذ أنّ الهداية المثبتة هداية التّفسير والدّلالة والبيان ...
وتعجب حينَ تقِفُ على حقيقة أنَّ عمَّه الذي كانَ يَذُبُّ عنه وينصره كان مقيمًا على دين قومه، ومع هذا ظلّ فوق أربعين عامًا يدافع عنه، ويعزّ جانبه، ويغضب له، ويردّ عنه القول والفعل!
أليس من باب أولى أن نَنْصُرَه ونعزِّرَه نحن أتباعه الذين آمنَّا بالله ورسوله - ﷺ - ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧)﴾ [الأعراف].
وما نصر أحد النَّبيَّ - ﷺ - على أعدائه بكبيرة أو صغيرة إلاّ كُتِبَ له ثَوابُ ذلك، قال تعالى: ﴿وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠)﴾ [التوبة].
لا عذر لنا عند الله إن خُلِصَ إلى رسول الله - ﷺ - ـ!
يوم أحد بعث رسول الله - ﷺ - زيد بن ثابت ﵁ يطلب سعد بن الرّبيع
_________
(^١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٤ / ص ٢٤٧) كتاب بدء الخلق.
1 / 34