وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
الناشر
دار عمار للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
عمان - المملكة الأردنية الهاشمية
تصانيف
و﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)﴾ [هود]، ووضعته لأردّ به غائلةَ المبطلين، ووساوسَ الشّياطين، وشبهاتِ المشكّكين، وأفانين المتقوِّلين الخرَّاصين، الذين ما قدروا الرَّسول - ﷺ - حقّ قدره، وما عرفوا فضل الصّحابة ﵃ ليخزهم الله ﴿وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤)﴾ [التوبة].
ووضعته تصيّدًا للعبر والدّروس، فالتّاريخ يعيد نفسه، فهناك أحداث تتشابه أقوالًا وأفعالًا بين الليلة والبارحة؛ لتشابه القلوب، وقد أشار القرآنُ الكريم لذلك، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ... (١١٨)﴾ [البقرة]، فهناك تشابه بين قلوب الأولّين والآخرين، قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢)﴾ [الذاريات].
والعاقل من يعتبر بالسَّلف قبل أن يصيرَ عبرةً للخلف، أو كما قال عبد الله بن مسعود ﵁: " والسّعيد مَنْ وُعِظ بغيره " (^١).
أمّا منهجنا في الكتاب:
فقد أَصَّلْنا إلى أنّ الطبري لم يلتزم بإيراد الصّحيح في كتابه؛ لأنّ هناك قاعدة عند المحدِّثين والإخباريين مفادها: أنّ من أحال فقد برئ. وبالتَّالي فإنّ الرِّوايات التَّاريخيّة لا تُقبل ما لم تُعرف بالسّند الصَّحيح، والمتن الصَّحيح، مثلها مثل الحديث الشّريف؛ وإلا لقال كُلُّ مَنْ شاء ما شاء كيف شاء.
فهناك علامات للوضع في السّند، وعلامات للوضع في المتن يعرفها أهل العلم، ولا ينبغي لمسلم أن يجهلها؛ ولذلك تعرَّضتُ لبعض الروايات التَّاريخيّة التي أخرجها الطبري
_________
(^١) " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٨/ج ١٦/ص ١٩٣) كتاب القدر.
1 / 15