سير السلف الصالحين
محقق
د. كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد
الناشر
دار الراية للنشر والتوزيع
مكان النشر
الرياض
أَمْوَالَكُمْ، وَلَكِنِ اسْتَعْمَلْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ﷺ، فَمَنْ ظَلَمَهُ عَامِلُهُ بِمَظْلَمَةٍ فَلْيَرْفَعْهَا إِلَيَّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَدَّبَ أَمِيرٌ رَجُلًا أَتَقُصُّهُ مِنْهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ ﵁: وَمَالِي لَا أَقُصُّهُ مِنْهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُصُّ مِنْ نَفْسِهِ، وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ: «لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلَا تَحْرِمُوهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ، وَلَا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلَا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ» وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁، خَطَبَ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: إِنِّي وَاللَّهِ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تُؤْنِسُونَ مِنِّي شِدَّةً وَغِلَظًا، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكُنْتُ عَبْدَهُ وَخَادِمَهُ وَجِلْوَازَهُ، وَكَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨] وَكُنْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالسَّيْفِ الْمَسْلُولِ إِلَّا أَنْ يَغْمِدَنِي أَوْ يَنْهَانِي عَنْ أَمْرٍ فَأَكُفُّ عَنْهُ، وَإِلَّا أَقْدَمْتُ عَلَى النَّاسِ لِمَكَانِ النَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ رَاضٍ عَنِّي، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى
1 / 127