الخصائص الطوطمية لسيرنا وملاحمنا العربية
كما أن ظواهر من تلك التي عادة ما تفيض بها سيرنا وملاحمنا العربية، حتى لتصبح ملمحا من ملامح وقسمات تراثنا العربي في حقل الإبداعات الأدبية الشعبية الكبرى، مثل الإغراق في الطوطمية.
وقبل الاستطراد إلى أمثلة تطبيقية أو عينية حول هذه الظاهرة - الطوطمية - التي تغرق سيرنا وملاحمنا العربية؛ يحق لنا التوقف للتعريف بالطوطمية أو الإغراق في عبادة الحيوانات والطيور والنباتات، وتمثل قواها الخارقة، في معظم مجتمعات العالم القديم.
فالملاحظ هنا أن النظام الطوطمي لا يستهدف التمثل بالحيوانات القوية دون غيرها، فالملك كليب الذي كان يحكم «من أرض الروم إلى الكعبة» كان يسمى بأبي اليمامة، وحيوانه - أو طائره - هنا اليمامة وبيضتها، وكذا بلقيس الإمبراطورة اليمنية المحاربة، وطائرها الهدهد، الذي اتخذته لقبا، كما كانت إلهة إغريق أثينا بومة.
فقد يتمثل الحيوان أو الشعار الطوطمي في تملكه لقدرة خارقة حرم منها الإنسان - حتى الملوك والتباعنة - فالطائر يطير في أعماق السماء، وعلى رأسه ريشة - وهي ما صارت مثلا في التعالي والتجبر، كما أن الحيات والثعابين تملك قدرات تغيير جلدها وإطالة أعمارها، بالإضافة لقدرات لدغتها القاتلة.
وهناك أقوام طوطمية تنتمي للأسماك - السلمون والحيتان والتونة - التي تمتلك قدرات الغوص في أعماق مياه البحار والمحيطات.
وما أكثر الأقوام والكيانات والقبائل الطوطمية التي شهدها تاريخ منطقتنا العربية، وتنتمي للحشرات، مثل حضارات ديدان وسوسة، في إيران وتونس وما بين النهرين، والقدرات الخارقة - لحشرة - السوس، من إحدى الجوانب، وهو أنه يفني أعتى الأخشاب الصلدة، مثلما يحفل به الشعر الشعبي :
لعبت يا سوس في الصندل وخشب الزان
وبحت بالسر يا سوس وخليت المخبي يبان
كما أن ما أكثر الطواطم النباتية في منطقتنا العربية، من نخل وجميز وعوسج، ويقطين أو - قرع - والأخير كان النبات الطوطمي المقدس للنبي يونس حين نبتت عليه شجرة قرع وتبنته إلى أن كبر، بعد أن أمضى عقابه داخل بطن الحوت، إلى أن لفظه على الشاطئ «كالطفل المنفوث» أو حديث الولادة.
صفحة غير معروفة