============================================================
قسم الدراسة الباب 1 : المؤلف الفصل 1: بيئة الوسياني اثر هذا...)(1).
كما أن الغفلة عن العواقب تغلب عليهم، "حتى إنهم لا يدخرون أقوات سنتهم ولا شهرهم وعامة مآكلهم في أسواقهم"(2).
ويضرب مثلا للبلاد الباردة، فيجعل فاس نموذجا عنها فيقول: "ولما كانت فاس من بلاد ال المغرب بالعكس منها في التوغل في التلول الباردة كيف ترى أهلها مطرقين إطراق الحزن وكيف أفرطوا في نظر العواقب، حتى لأن الرجل ليدخر قوت سنتين من الحبوب والحنطة و يباكر الأسواق لشراء قوته مخافة أن يرزأ شيئا من مدخره...)(3).
ويرى ابن خلدون أن أحسن الأقاليم هي الي تكون معتدلة، فيقول : ولهذا كانت العلوم والصنائع والمباني والملابس والأقوات والفواكه، بل والحيوانات، وجميع ما يكون في هذه الأقاليم الثلاثة المتوسطة مخصوصة بالاعتدال، وسكافها أعدل الناس أجساما وألوانا وأخلاقا وأديانا...)) (4).
و لم يكتف ابن خلدون في حصره كل شيء حسن في الأقاليم المعتدلة بل يرى أن النبوات والرسالات كان أغلبها هناك، إذ يقول: احتى النبوات فإنها توجد في الأكثر منها، ولم نقف على بعثة في الأقاليم الجنوبية ولا الشمالية؛ وذلك لأن الأنبياء والرسل إنما يختص هم أكمل النوع في خلقهم وأخلاقهم، قال تعالى: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس)(5)...".
لا شك أن ابن خلدون لم يوفق كل التوفيق في تعليلاته؛ فالبيئة الحارة أدعى إلى ال الجفاف، والجفاف أدعى إلى نقص في الغذاء، وهو ما يؤدي إلى اتخاذ الحيطة والحذر (1) ابن خلدون : المقدمة، ص 94.
(2) المصدر نفسه. ص94.
(3) المصدر نفسه، ص95.
(4) المصدر نفسه، ص90.
(5) سورة آل عمران: 110.
صفحة ٤٣