وإخبار معَاذ بذلك عِنْد مَوته تأثما أَي تجنبا للإثم مَعَ أَن النَّبِي ﷺ مَنعه من أَن يخبر بِهِ النَّاس وَجهه عِنْدِي أَنه مَنعه من التبشير الْعَام خوفًا من أَن يسمع ذَلِك من لَا خبْرَة لَهُ وَلَا علم فيغتر ويتكل وَمَعَ ذَلِك أخبر ﷺ بِهِ على الْخُصُوص من أَمن عَلَيْهِ الاغترار والاتكال من أهل الْمعرفَة بالحقائق فَإِنَّهُ أخبر بِهِ معَاذًا فسلك معَاذ هَذَا المسلك وَأخْبر بِهِ من الْخَاصَّة من رَآهُ أَهلا لذَلِك تأثما من أَن يكتم علما أَهله وَالله أعلم
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور بعد هَذَا وَمَا فِيهِ من خلاف حَدِيث معَاذ من أَمر رَسُول الله ﷺ أَبَا هُرَيْرَة بِأَن يبشر بِالْجنَّةِ من لَقِي مِمَّن يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَقَول عمر أخْشَى أَن يتكل النَّاس عَلَيْهَا فخلهم يعْملُونَ وَقَوله ﷺ فخلهم
فَأَقُول إِن ذَلِك من قبيل تغير الِاجْتِهَاد وَقد كَانَ القَوْل بِالِاجْتِهَادِ جَائِزا لَهُ وواقعا مِنْهُ عِنْد الْمُحَقِّقين وَله المزية على سَائِر الْمُجْتَهدين بِأَنَّهُ لَا يقر فِي اجْتِهَاده على الْخَطَأ